المجلس الدستوري الجزائري.. الرقابة الدستورية برقابة القوانين العضوية إجباريا قبل إصدارها وفتح مجال الإخطار أمام سلطة دستورية جديدة وهي رئيس مجلس الأمة



إن الرقابة  الدستورية  في الجزائر التي  يقترن تاريخها بالتاريخ  الدســتوري الجزائري، ظلت تتطور بشكل  متقاطع بحيث بعد  "إجهاض" إقرارها في أول دستور جزائري، واختفائها في ثاني  دستور جزائري وتعديلاته المتتالية، ظهرت من جديد في ثالث دستور جزائري، و يبدو أن وجودها قد ترسخ اليوم في الساحة السياسية والمؤسساتية للبلاد.

إن إستقراء التاريخ الدستوري في الجزائر يكشف أن تطور هذا النوع من الرقابة الدستورية، قد مرّ عبر عدة مراحل هي:

- أول مرحلة:
كانت عام 1963، إذ نص أول دستور الجزائر المستقلة في مادته 63 عــلى إنشاء مجلس دستوري وأوكلــه بموجب مادته 64 صلاحية: "الفصل في دستورية القوانين والأوامر التشريعية بطلب من رئيس الجمهورية أو رئيس المجلس الوطني".

غير أن هذه المؤسسة لم تنصب و لم يكتب لها بالتالي، أن مارست الصلاحيات الدستورية التي خولت بها آنذاك، نتيجة الظروف السياسية المعروفة التي قضت بعدم العمل بالدستور أقل من شهر بعد إصداره.

- ثاني مرحلة:
هي عدم إقرار هيئة للرقابة الدستورية في دستور 1976 حتى وإن نصت مادته 186 على ما يلي: "تمارس الأجهزة القيادية في الحزب والدولة، المراقبة السياسية المنوطة بها، وذلك طبقا للميثاق الوطني ولأحكام الدستور".

- ثالث مرحلة:
هي بروز فكرة الرقابة الدستورية من جديد  في النقاشات السياسية بحيث أوصى المؤتمر الخامس لحزب جبهة التحرير الوطني بإنشاء جهاز أعلى تحت سلطة رئيس الجمهورية، الأمين العام للحزب، يكلف بالفصل في دستورية القوانين قصد ضمان إحترام سمو الدستور، وتدعيم مشروعية وسيادة القانون، وتعزيز الديمقراطية المسؤولة في بلادنا و دعمها.
غير أن هذه التوصية لم تنقل الى الدستور وبالتالي بقيت دون تجسيد.

- رابع مرحلة:
تزامنت مع التعديل الدستوري الهام في 23 فبراير 1989 الذي نصّ، الى جانب تكريس التعددية الحزبية السياسية والحريات العمومية وتبني مبدأ الفصل بين السلطات، على إنشاء مجلس دستوري يتمتع بصلاحيات أهم من تلك المخولة إياه بموجب دستور 1963، نذكرمنها على الخصوص رقابة دستورية المعاهدات والقوانين والتنظيمات ورقابة صحة الإستشارات السياسية الوطنية، بالإضافة الى صلاحيات إستشارية في بعض الظروف الخاصة.

إن إقرار الرقابة الدستورية من جديد يعد خطوة هامة في مسيرة بناء دولة القانون، وقد تعززت هذه الخطوة في ضوء التعديل الدستوري لـــ 28 نوفمبر 1996 الذي أقر توسيع صلاحيات المجلس الدستوري إلى رقابة القوانين العضوية إجباريا قبل إصدارها وفتح مجال الإخطار أمام سلطة دستورية جديدة وهي رئيس مجلس الأمة.