العنوان في "موليير مصر وما يقاسيه" ليعقوب صنوع.. مرآة لذاته وحياتـه التي انقلبت من جراء تخليه عن مهنته الأصلية التي هي التدريس واتجاهه نحـو المسرح في زمن صعب



يتشكل عنوان مسرحية صنوع من مكونين تجمعهما واو العطف: الأول عبارة عن لقب يترجمه مركب إضافي هو "موليير مصر"، والثاني عبارة عن جملة تستقطب دلالة مفتوحة على المعاناة: "ما يقاسيه".

إن اللقـب المشـار إليـه فـي العنـوان، أطلقـه الخديوي إسماعيل على يعقـوب صنوع نفسه، لاسيما وأنه اشتهر بتقديم اعمال كوميدية جيدة، جعلته يشرفه بهذا اللقب، الذي أصبح منذ ذلك الوقت، إسما آخر لهذا الرجل يتداوله دارسو المسرح العربي.

ولهذا اللقب حضور دال في سياق المسرحية نفسها، بحيث يضفي - عبر نوع من القياس على صنوع نفس الأهمية التي حظي بها موليير في المسرح الفرنسي، وذلك ما تشير إليه شخصية اسطفان: "اسطفان: من خصوص عمنا جمس يكفيه مدح جرائد الشرق والغرب فيه.

دارجل  شهدت له العلماء بأنه فريد العصر. ما أحد قبله عمل تياترو عربي في مصر وأفندينا  أنعم الله عليه بالعافية والخير، لما لعبنا أمامه سماهموليير. وموليير هو مؤسس التياترات الفرنساوية، وعمنا جمس منشئ التياترات العربية.

فمن وقتها في سراية عابدين، وفي الدوائر والدواوين ما  حدش يسميه جمس يامون شير، جميعهم يقولوا له يامسيو موليير.

فإذا كان المكون الأول في العنوان يشير، إذن، إلى علاقة المسرحي بالسلطة ورعاية هذه الأخيرة له معنويا (توزيع الألقاب) - لاسيما إذا كان فنه يقوم على الإضحاك والتسلية -؛ فإن المكون الثاني يقوض هذه المعطيات، ويجعل العنوان ينطوي على مفارقة دلالية صارخة، خصوصا وأنه يشير إلى المعاناة القاسية لموليير مصر.

والتي يفصح عنها النص على لسان جمس باعتباره لسان حال المؤلف:
"جمس: يعني ما يصحش إلا واعمل تياترو لأولاد العرب، ما نابني منه إلا عقلي وبيتي انخرب.
وإنا كان مالي وما لدي الشبكة اللي زي الطين، اللي ما طرح لي فيها بركه. رب العالمين.

كنت رجل مرتاح متهني، وكانت الهموم بعيدة عني، واليوم اللي دخلت التياترات، وانشغلت في تأليف الروايات رفعت وانسليت وانتلف حالي وتركتني التلامذة وتعطلت أشغالي وبقي لي عوازل وعدوين، من الغيرة بالجرائد علي نازلين.
لكن أنا أتحمل كيد وغيض الأعادي، على شان خاطر أولاد بلادي".

يبرز هذا المقطع، بشكل جلي، أن صنوع جعل من مسرحيته مرآة لذاته وحياتـه التي انقلبت من جراء تخليه عن مهنته الأصلية التي هي التدريس واتجاهه نحـو المسرح في زمن صعب.