القضية الفلسطينية في الإعلام الغربي.. حصار بعض الإيديولوجيات التي ترضخه لسياساته وسائل الإعلام في العالم الغربي



لكي نفهم كيف يحاصر الاعلام الغربي القضية الفلسطينية بصفة عامة والحصار المفروض على قطاع غزة لا بد من سرد بعض الأحداث التي وقعت في المنطقة وكيف تطرق لها الإعلام الغربي وبشكل خاص الفرنسي منه.

من المعلوم أن الاعلام الغربي بصفة عامة والاعلام الفرنسي بصفة خاصة مسيس لا يتسم بما يسمى بالحيادية الاعلامية فيما يخص 'قضايا الشرق الأوسط'.

فالقائمون على إدارته منحازون للسياسة الاسرائيلية ويعملون كل ما في وسعهم لتبرير أفعال وممارسات الحكومة الإسرائيلية ومسؤوليها. ولفرنسا تأثير إعلامي كبير على أوروبا.

وأسلوب تسليطها الضوء على قضية يؤثر بوضوح على ألمانيا وسويسرا وبلجيكا وباقي الدول الأوروبية في قوة التغطية وضعفها وأسلوب التناول.

لكن الإعلام الفرنسي يعلم أن مجتمعه يتمتع بمستوى ثقافي متقدم يتطلب من مختصيه رفع مستوى توصيل الحدث لذا لا نستغرب الإستعانة بمختصين في علم الإجتماع من مؤيدي إسرائيل.

على سبيل المثال، في إطار تغطية الحرب على غزة وجد دينس سيفير أن التغطية الاعلامية لم تتسم بالتوازن بين الطرفين المعنيين ووجد ان تعبير بعض الصحافيين الفرنسيين عنيف عند وصفهم للحرب على غزة وبأن رد اسرائيل على استفزازات حماس أو أكثر من ذلك دفاع اسرائيل عن نفسها.

في تلك الفترة لم يتوان بعض الصحافيين ذوي الأسماء المعروفة في الدفاع عن اسرائيل كالصحافي افان لفاي Ivan Leva' الذي لم يتوان عن استعمال تعبير مثل 'الصبر الإسرائيلي قد نفد'.

لا شك بأن هذا التوجيه الإعلامي يؤثر في كل من لا يعرف واقع الأمور ويجهل سياسة اسرائيل الطاغية والجبروتية ويشكل معرفته في كل ما يخص الصراع العربي الإسرائيلي من وسائل الإعلام الغربية.
من المجحف عدم توجيه الأنظار إلى جهود بعض الصحافيين والمثقفين المناهضين لصهينة الإعلام الغربي.

فرغم قلتها، تستطيع في بعض الأحيان لفت الأنظار، على سبيل المثال موقع الانترنت الذي قام بمقارنة عدد التحقيقات المخصصة لكل من غزة وإسرائيل من 27 كانون الاول/ديسمبر إلى 5 كانون الثاني/يناير 2009 القنوات الأولى، الثانية والثالثة الفرنسية خصصت 6 ربورتاجات للمدنيين الإسرائيليين مقابل 2 للمدنيين الفلسطنيين.

Acrimed أحصى بدوره للقناة الثانية الفرنسية عشرة تحقيقات لصالح اسرائيل مقابل اثنين لغزة.
ناهيك عن تغطية سفن كسر الحصار، فالسفينة الليبية لم تحظ إلا ببعض دقائق من طرف القناة الأولى الفرنسية مع تعليق يطفو عليه الطابع القانوني منه الإنساني.

بما أن 'الحصار على غزة مستمر بتوافق دولي فإن إسرائيل كانت في وضعية قانونية لمنع السفينة من التقدم'. لم يحس المواطن العادي بأن التعنت الإسرائيلي يعتبر كعملية قرصنة في حق الواجب الانساني الذي قامت به السفينة الليبية.

نستخلص إذن أن الاعلام الغربي ليس حرا كما يعتقد البعض، فهو إعلام محاصر ببعض الإيديولوجيات التي ترضخه لسياساتها.
إن الإحتكار المتصاعد لوسائل الإعلام التقليدية صار يهدد حرية التعبير وموضوعية العمل الصحافي ومهنيته، ويأتي بصيص الأمل من الانترنت والمواقع ذات الطابع الاجتماعي.

مواقع تعطي للمثقف العربي القاطن بأوروبا وصاحب الضمير الحي فرصة التواصل مع مجتمعه ومع وقائع خارج السيطرة التقليدية.
وقد شكل انتقال الشبكة العنكبوتية إلى قوة إعلامية وسيلة ضغط على الإعلام التقليدي باعتباره يتصدى لمهمة التوعية الإعلامية، وقد صارت الصحف الفرنسية تعطي مصداقية ومكانا لما يبث على الشبكات الالكترونية، مما اضطر بعض القنوات الفرنسية للخروج عن صمتها في بعض المواضيع التي كانت بأمس ليس بعيد موضوع تعمية وتكتم.
ومن الضروري لتعزيز هذا الإختراق تجاوز إشكالية اللغة والترجمة، فأهم ما يرد ويتم تداوله من معلومات هامة غير معروفة غربيا يتم باللغة العربية.

لذا وكمختصة في هذا المجال، أرى من الضرورة ترجمة ودبلجة ما أمكن من المعلومات لتعريف الرأي العام الغربي أكثر بالمأساة الغزاوية والقضية الفلسطينية.