الأفعال الدرامية في مسرحية "عطيل والخيل والبارود" لعبد الكريم برشيـد.. ملامسة موضوعات ذات بعد أدبي وفني متصلة بالمسرح نفسه



تستعيد مسرحية "عطيل والخيل والبارود" لعبد الكريم برشيـد، موضوعاتيا، قضية مركزية في المتخيل البيرانديلي هي ثنائية الحياة / التمثيل أو الحقيقة / الوهم.

فعلى أساس الالتباس بينهما، تقوم الأفعال الدرامية في المسرحية، بحيث نلاحظ أن الشخصيات لا تتوقف عن لعبة التحول بشكل يذوب معه مفهوم الشخصية نفسه، وأن مستويات اللعب تتداخل بكيفية يتعذر معها التمييز بين الواقعي والمتخيل، مما يجعلنا ننظر إلى النص ككل باعتباره تجسيدا للمقولة الشكسبيرية الشهيرة التي ترى أن "العالم مسرح"، خصوصا، وأن خطاب الممثلين أنفسهم يحاول إبلاغ هذا التصور للمخرج:
"البوهـو: أنت مخرج ولكنك تجهلنا..
ربيـع: ...تجهل كفاءاتنا...
س غموض: ...ومواهبنا..
شهريار: فكان لابد أن نستعرض عليك مشاهد مسرحية..
المخـرج: شيء معقول... (لعطيل) إذا أنت لست عطيل؟..
عطيـل: أنا عطيل
المخـرج: في التمثيل فقط...
عطيـل: وهل الحياة إلا التمثيل؟".

إن الهدف من تأكيد هذه المقولة هو إضفاء النسبية على مفهوم الواقع، وذلك من خلال أحداث متحولة باستمرار، وشخصيات تتخذ لبوسا جديدا كل مرة، وتحيى، بالتالي، حياة متغيرة شأنها شأن الممثلين في المسرح، مما يقرب المسافة ويجسر الهوة الفاصلة بين الحقيقة والخيال.

هذا المنظور النسبي الذي شكل القاعدة الفلسفية للميتامسرح البيرانديلي، اتخذه برشيد أيضا، ليس من أجل إعادة إنتاجه كما هو، وإنما من أجل اعتماده في رؤية احتفالية سنكشف عن ملامحها من خلال التحليل.

وإذا كانت موضوعة الحقيقة والوهم قد أضفت بعدا فلسفيا على النص، فإن برشيد لم يتوان عن ملامسة موضوعات ذات بعد أدبي وفني متصلة بالمسرح نفسه.

لقد وقفت المسرحية على قضايا حاسمة منها: وضعية الممثل، وظيفة المخرج، مفهوم الصراع ومفهوم الارتجال في المسرح.


المواضيع الأكثر قراءة