الربط بين قضية الممثل وقضية المخرج في مسرحية "عطيل والخيل والبارود" لعبد الكريم برشيـد.. صورة مخرج شيطاني يريد توريط الممثلين في لعبة جهنمية



إن قضية الممثل التي طرحت بحدة منذ فجر المسرح العربي، كما رأينا ذلك مع يعقوب صنوع، تطرح في مسرحية برشيد بشكل آخر.
فعلاوة على المعاناة المادية التي سببها البطالة، هناك معاناة أخرى أشد قسوة هي المعاناة النفسية:
"- ربيــع: رابعة. لقد مللت الرحيل عبر المسارح، مللت الأضواء والأصباغ.. ما أتعس أن تكون ممثلا تطرق الأبواب في رفق وحياء وتسأل المديرين والمخرجين عمرا فنيا..
- رابعـة: .. نرحل دوما وفي القلب أماني بكر. نرحل وفي العين أزهر شوق أخضر.
- ربيـع: أنا شاعر وكاتب وممثل...
- رابعـة: .. ولكنك عاطل...
- ربيـع: .. لسوء حظي، وأنت؟
- رابعـة: رفيقة في الفقر والشؤم والبطالة".

يسلط هذا الحوار الضوء على الوضعية الصعبة للممثل الذي لا يمتلك وضعية مهنية قارة، ويعيش الفقر والبطالة.

وإذا كانت هذه المعاناة تجسد المظهر الاجتماعي لواقع الممثل، فإن هناك واقعا يتصل بطبيعة مهنته، أكثر قسوة وأشد وقعا على كيانه النفسي يتمثل في نظرة المخرجين إليه باعتباره إنسانا فارغا من الداخل، مجردا من كل الإنتماءات، عاريا من كل شيء؛ وذلك حتى يتمكنوا من إعادة خلقه من جديد.

لـهذا، فالمسرحيـة تقـوم بالـربـط بين قضية الممثل وقضية المخرج، وتجعلنـا،
بالتالي، أمام "صورة مخرج شيطاني يريد توريط الممثلين في لعبة جهنمية".

ويبدو واضحا أن هذا المخرج الشيطاني يفرض إكراهاته  الفنية والنفسية على الممثلين عندما يدعو إلى التجرد من كل الانتماءات:
"المخــرج: ... لابد أن تنسلخوا من ذواتكم.
س غموض: ننسلخ
المخــــرج: وأن تتخلوا عن ماضيكم
البوهــــو: نتخلى
المخــــرج: ... وعن قوميتكم وكل الانتماءات كيفما كانت. أريدكم أن تتعــروا".