موضوع مسرحية "عطيل والخيل والبارود" لعبد الكريم برشيـد.. إدراة مسرح الضباب ترغب في التعاقد مع ممثلين تعودوا على الأدوار الشريرة



تحكي مسرحية برشيد عن ست شخصيات هي: عطيل، السيد غموض، شهريار، البوهو، رابعة وربيع؛ وهم مجموعة ممثلين قرأوا إعلانا في الجرائد وعلى جدران المدينة يعلن أن إدراة مسرح الضباب ترغب في التعاقد مع ممثلين تعودوا على الأدوار الشريرة، فوقعوا العقد وأتوا إلى المسرح لانتظار المخرج فوق الخشبة.

وللتخفيف من وقع الانتظار، دخل الممثلون الستة في لعبة التمثيل داخل التمثيل نشأت على إثرها مشاهد مسرحية اندمج فيها هؤلاء الممثلون بشكل جعلهم يتنكرون للمخرج عند وصوله.

فكل واحد منهم رأى فيه شخصية متصلة بمساره الخاص، فعطيل رأى فيه ياجو، والبوهو رأى فيه يهوذا وشهريار رأى فيه المخرج الذي صنع شهريار الجديد.
لذا، اعتقلوه ووضعوه في قفص من أجل محاكمته.

إن عملية التمثيل المضاعف جعلت المخرج يفاجأ، ويختلط عليه الوهم والحقيقة، ويكشف عن نفسه، ويحاول دفعهم إلى نسيان أدوارهم القديمة معبرا عن اقتناعه بكفاءتهم في التمثيل.

لذا، فعندما سئل عن النص، أعلن أنه لا يملك نصا جاهزا بل مشروعا فقط، وأنخه يريد تمثيلا يقوم على الارتجال، مما سيتيح المجال، مرة أخرى، للعبة التمثيل داخل التمثيل كي توقع الممثلين في أسرها ويبلغ اختلاط الحقيقة بالتمثيل أقصى درجاته.

وقد تجسد ذلك في ما قام به عطيل الذي رأى في المخرج عدوه ياجو (مسرحية برشيد تحيلنا على "عطيل" شكسبير) فخنقه بشكل أدى إلى موته ليصبح التمثيل حقيقة:
"رابعــة: انظر يا ربيع.. إنه يخنقه..
ربيــع: اطمئني يا امرأة.. الممثلون يموتون أكثر من مرة..
رابعــة:  لقد اختلط كل شيء وما عدنا نميز بين التمثيل والواقع".

إن حكاية المسرحية تقدم لنا واقعة تناصية أولى يجسدها نص برشيد في علاقته بنص بيرانديلو.
فإذا كان هذا الأخير يروي قصة عائلة مكونة من ست شخصيات تبحث لنفسها عن مؤلف يكتب دراما حياتها، فإن برشيد يقدم لنا ست شخصيات تبحث عن مخرج لكي تعمل معه.

وإذا كانت شخصيات بيرانديلو قد خرجت إلى الوجود من "الواقع المتخيل" لهذا المبدع، كما شرحنا ذلك آنفا، فإن شخصيات برشيد انحدر بعضها من متخيل مسرحي (عطيل الشكسبيري) أو فرجوي (البوهو من فرجة البساط)، كما انحدر بعضها الآخر من الواقع (واقع الممثلين الذين يعيشون البطالة).


المواضيع الأكثر قراءة