التركيز على العنصر المادي في مسرحية "موليير مصر وما يقاسيه" ليعقوب صنوع.. اتجاه الخطاب الميتامسرحي نحو حيز سيرذاتي ضيق وتحويل موضوع المسرحية إلى خلاف حول قضية جزئية



إن مسرحية "موليير مصر وما يقاسيه" تركز على العنصر المادي وتسكت عن العنصر السياسي.

ولعل هذا ما يفسر اتجاه الخطاب الميتامسرحي نحو حيز سيرذاتي ضيق يدفعنا لأن نفترض أن هذا الخطاب يجعلنا نرسو على حقيقة وجود مسكوت عنه في المسرحية.

لقد استعاض صنوع عن هذه الحقيقة بتحويل موضوع المسرحية إلى خلاف حول قضية جزئية بين الكاتب مدير الفرقة وممثليه، ألا وهي قضية الأجرة.

لقد كان يعرف الأعداء الحقيقيين للمسرح، لكنه اختزلهم في ممثلي الفرقة مكتفيا بالإشارة والتلميح إلى بعض  الصعوبات الجوهرية، كمسألة الحرية، مثلا، التي يحاول جعلها مقترنة بقضايا أشمل منها كقضية التمدن والتقدم.

والحوار التالي بين حبيب وجمس تجسيد لذلك: "حبيب: بالله عليك ما بقتشي تكتب لنا روايات، تذكر فيها لفظة حريه وحب وطن ومحاربات والا قل على التياترو العربي يا رحمن يا رحيم، والحدق يفهم بقى رجعنا للعبنا القديم.

جمس: كلام غريب، يا سي حبيب، لكن هذا كلام مليح، وفي محله صحيح، إنما كل مؤسس تياترو ومنشئ روايات، ملزوم يتم جميع الواجبات، واجبات معلومة عنده ياحبيب، وهي أن القصد بالمراسح هو التمدن والتقدم والتهذيب".

تقيم المسرحيـة، إذن، متخيلهـا علـى أسـاس حكايـة بسيطة تتعلـق بانتظـار جمس مدير الفرقة ومؤلفها الممثلين في "التياترو العربي" في وقت تأخر فيه هؤلاء عن الموعد المحدد استعدادا لعروض المساء، لأنهم كانوا يترددون على بيت زميلهم متري لمناقشة ضرورة المطالبة بحقهم في أجرة عن عملهم المسرحي.

هذا المطلب الذي خلق انقساما بين أعضاء الفرقة، وصلت أصداؤه إلى جمس عبر شكل من المساومة انهار على إثرها انهيارا نفسيا قويا دفعه إلىالتفكير في الانتحار، لولا أن الممثلين تداركوا الأمر وتخلوا، مؤقتا، عن مطلبهم إلى ما بعد الأمسية الحاسمة.

هذه الحكاية تمت بلورتها في فصلين تدور أحداث أحدهما في دارمتري وتجري أحداث الثاني في "التياترو العربي".

وقد اتخذت كوسيلة لإبراز الصعوبات التي واجهها صنوع في إنشاء مسرحه، وكذريعة لمطارحة قضايا تتصل بالمسرح من حيث مفهومه، موضوعاته، وظيفته، علاقته بالجمهور ومعاناة الممثل فيه.