لقد فتن العالم الشرقي أوربا فتنة لا توصف، وامتلأت قلوبهم رغبة في امتلاكه ،، وتنبه الملوك والرهبان وعقلاء الرجال إلى سؤال خطير: ما سرّ قوة هذه الحضارة الشرقية الإسلامية؟؟
فكان الجواب: إن سرّ قوتها هو في العلم (علم الدنيا وعلم الآخرة).
في ظل هذه الغفلة المطبقة على دار الإسلام، كانت هناك نهضة هادئة، سليمة، بطيئة، يقوم بها كوكبة من العلماء الذين تنبهوا لضرورتها وأهميتها، نذكر منهم على سبيل المثال:
- البغدادي عبدا لقادر بن عمر (في مصر) 1620م ـــ 1683م . صاحب (خزانة الأدب).
- الجبرتي الكبير حسن بن إبراهيم (في مصر) 1698م ــ 1774م.
- محمد بن عبد الوهاب (في الجزيرة العربية) 1703م ـــ 1792م.
- المرتضى الزبيدي (في الهند ومصر) 1732م ــ 1790م . صاحب (تاج العروس).
- الشوكاني محمد بن علي (في اليمن) 1760/ ـــ 1834م .
هذه النهضة السليمة الهادئة لم يعرفها على حقيقتها غير (المستشرقين) فهبوا هبة الفزع، وسارعوا ينقلون كل صغيرة وكبيرة ويضعونها تحت أبصار ملوك المسيحية الأوربية ورؤسائها ويبصرونهم بالعواقب الوخيمة المخوفة من هذه (اليقظة) الوليدة إن تمت.
و الاستشراق جهاز خبيث جاء متخفياً في عباءة العلم والبحث، ساح في دار الإسلام في تركيا، وفي الشام، ومصر، وفي الهند ... وفي غفلة أهل دار الإسلام عن حقيقة هذه الأشباح الغربية التي تتجوّل في الطرقات وتسير في الشوارع في كل لباس، في زى التاجر، وفي زى السائح، وفي زى الباحث المنقب، وفي زى طالب العلم، وفي زى المسلم البسيط .... الخ.
اكتسب هذا الجهاز مع تطاول السنين خبرة واسعة عن دار الإسلام ( الحصينة) وصاروا يستخرجون كل شيء عن دار الإسلام عن أحوال الخاصة والعامة، والعلماء والجهلاء، والملوك والسوقة، والجيوش والرعية، والقوة والضعف، وتدسسوا حتى أخبار النساء في الخدور، لم يتركوا شيئا إلا وفتشوه وعرفوه... ومضت سنوات طويلة، والتقارير ترفع إلى ملوك المسيحية بكل ما يعلمونه عن دار الإسلام.. وما خبروه وشاهدوه عياناً عن الغفلة المطبقة على دار الإسلام.. فنشأ بفضلهم (طبقة الساسة)، أو من سموا بعد ذلك (رجال الاستعمار)... وأكدت التقارير الاستشراقية انه ليس للمسيحية خيار سوى العمل السريع والمحكم.. واهتبال الغفلة المحيطة بالمسلمين.. فقد كان الفرق بيننا وبين ما وصلت إليه أوربا الآن هو خطوة واحدة لمن يصل إليها أولاً.
التسميات
لغتنا