الأضحية في الحج.. التضحية سنة للحاج بمنى كما هي سنة في حق غيره



الأضحية في الحج:

يخطئ كثير من الناس في أمر الأضحية والحج فيعتقد أن الأضحية هي الهدي بينما هما موضوعان مختلفان، فالحاج إن كان متمتعاً أو قارناً وجب على هدي التمتع والقران، وإن كان مستطيعاً وقادراً على الأضحية لزمته الأضحية أيضاً عند من يرى الوجوب مثل شيخ الإسلام وغيره، فالأضحية لا دخل لها بالحج، فهي سنة مؤكدة في حق الحاج وغيره، فمن استطاع أن يضحي فله ذلك علاوةً على الهدي الواجب عليه. لا سيّما إن كان أهل الحاج في بلدهم فإنه يكلفهم بذبح الأضحية ويوكلهم في ذلك فيصبح في حق الحاج المتمتع والقارن ذبيحتان واحدة هدي والثانية أضحية، أمّا المفرد فواحدة فقط وهي الأضحية.

سنة على كل قادر:

قال النووي "قال الشافعي: الأضحية سنة على كل من وجد السبيل من المسلمين من أهل المدائن والقرى وأهل السفر والحضر، والحج بمنى وغيرهم من كان معه هدي ومن لم يكن معه هدي، قال النووي: وهذا هو الصواب أن التضحية سنة للحاج بمنى كما هي سنة في حق غيره"[1]

جواز الأضحية في حق الحاج:

وجاء عند البخاري في صحيحه ما يدل على جواز الأضحية في حق الحاج وذلك من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لخمس بقين من ذي القعدة لا نُرى إلى الحج فلماّ دنونا من مكة أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم من لم يكن معه هدي إذا طاف وسعى بين الصفا والمروة أن يحل. قالت فدُخل علينا يوم النحر بلحم بقر، فقلت: ما هذا؟ قال: نحر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أزواجه".

الأضحية سنة مؤكدة في حق الرجل والمرأة:

قال ابن حجر "وقوله: ضحّى النبي صلى الله عليه وسلم عن أزواجه بالبقر" ظاهر في أن الذبح المذكور على سبيل الأضحية.[2]
وعند الإمام مسلم "ضحى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نسائه البقر".
وحاصل الأمر أن الأضحية سنة مؤكدة في حق الرجل والمرأة والمقيم والمسافر والحاج والحر والعبد.

الأضحية مستحبة للحاج بمكة:

وقال ابن حزم "الأضحية مستحبة للحاج بمكة وللمسافر كما هي للمقيم ولا فرق، وكذلك العبد والمرأة، لقول الله تعالى "وافعلوا الخير"[3]
والأضحية فعل خير، وكل من ذكرنا محتاج لفعل الخير مندوب إليه. ولم يخص النبي صلى الله عليه وسلم بادياً من حاضر، ولا مسافراً من مقيم، ولا ذكراً من أنثى، ولا حراً من عبد، ولا حاجاً من غيره، فتخصيص شيء من ذلك باطل لا يجوز، وقد ذكرنا قبل أن النبي صلى الله عليه وسلم ضحىّ بالبقر عن نسائه بمكة وهن حاجات معه.[4]
فالمقصود من ذلك أن الحاج يستحب له أن يضحي والأفضل أن يوكل أهله في بلده بالأضحية ويقوم هو بالهدي إن كان عليه هدي.

فائدة1:

إذا أراد الحاج أن يضحي ودخل عليه العشر ويريد أن يحرم مثلاً فلا يأخذ من شعره ولا ظفره ولا بشرته شيئاً، لأن الأخذ لمريد الإحرام سنة والأخذ بعد دخول العشر لمريد الأضحية حرام، فيرجح جانب الترك على جانب الأخذ.[5]

فائدة 2:

إذا حل المتمتع من عمرته في عشر ذي الحجة فإنه لا يحرم عليه الحلق أو التقصير ولو أراد التضحية لأن الحلق والتقصير واجب من واجبات الحج. [6]
فليس بملوم لو أخذ شيئاً من شعره من أجل عمرته وحجه، لأنه نسك لا يتم الحج إلا به، ولا تتم العمرة إلا به.

[1]- [المجموع 8 / 353].
 [2]- [فتح الباري11 /6672].
 [3]- [الحج 77].
[4]- [المحلى 6 / 37].
[5]- [مفيد الأنام 2 / 508].
 [6]- [مفيد الأنام 2 / 507].