حكم الاشتراك في الأضحية.. التشريك في الثواب. الاشتراك في التمليك



حكم الاشتراك في الأضحية:

تنازع العلماء رحمهم الله في التشريك في الأضحية ما بين مجيز ومانع في غير الإبل والبقر، أمّا الغنم وسُبع الإبل والبقر فهنا النزاع.
بمعنى هل يجوز التشريك في سبع البعير وسبع البقرة وفي الغنم الواحدة أم لا؟

والجواب على ذلك ما يلي:
التشريك ينقسم إلى قسمين:

أولاً - التشريك في الثواب:

فهذا جائز، فقد نقل العظيم أبادي أقوال العلماء في ذلك فقال: قال الترمذي في باب الشاة الواحدة تجزئ عن أهل البيت، والعمل على هذا عند بعض أهل العلم وهو قول أحمد واسحاق وأجازه مالك والأوزاعي والشافعي، بل روي عن أبي هريرة وابن عمر رضي الله عنهما.                
 وروي عن علي رضي الله عنه أنه كان يضحي بالضحية الواحدة عن جماعة أهله.
وأخرج الحاكم عن عبدالله بن هشام قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يضحي بالشاة الواحدة عن جميع أهله" وقال صحيح الإسناد.
وهو _ أي هذا الحديث _ خلاف من يقول إنها لا تجزئ إلاّ عن الواحد.

قال العظيم أبادي: والحاصل أن الشاة الواحدة تجزئ في الأضحية دون الهدي عن الرجل وعن أهله وإن كثروا ، كما تدل عليه الروايات.[1]
وأما الأحاديث الدالة على جواز الإشراك في الثواب فحديث عائشة رضي الله عنها "...اللهمّ تقبل من محمد وآل محمد ومن أمة محمد" ثم ضحى به.[2]

وحديث عائشة وأبي رافع رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يضحي بكبشين أحدهما عنه وعن آله والآخر عن أمته جميعاً.[3]
وحديث جابر وأبي سعيد رضي الله عنهما: كان صلى الله عليه وسلم يضحي بكبشين عنه وعمن لم يضحي من أمته.

سبع البعير وسبع البقرة:

ولُيعلم أن سبع البعير أو سبع البقرة قائم مقام الشاة الواحدة في الإجزاء عن الرجل وأهل بيته، فله أن يشرك في سبع بدنه من الإبل أو سبع البقرة، وله أن يشرك معه في الأجر والثواب من شاء من الأحياء والأموات حتى الجنين في بطن أمه يدخل معهم في ذلك الثواب، فعن جابر قال "نحرنا مع النبي صلى الله عليه وسلم بالحديبية البدنة عن سبعة والبقرة عن سبعة"[4].

وهنا أمر يفيد من هو متزوج أو عقد النكاح ولم يدخل بزوجته بعد، فله أن يضحي عنه وعنها، كما له أن يخرج زكاة الفطر عنه وعنها، فالأضحية واضحة بالأدلة، وأما زكاة الفطر فلا بد من أخذ إذنها إن كانت قادرة على أن تخرج زكاتها بنفسها من مالها إن كان لها مال من وظيفة أو إرث أو نحو ذلك، وإذا لم يكن لها مال أخرج عنها الزكاة علمت أم لم تعلم .

ثانياً - الاشتراك في التمليك:

فإذا أراد شخصان أو أكثر الاشتراك في أضحية واحدة من الغنم، أو الاشتراك في سبع بدنة بالمال، فهذا لا يجوز ولا يصح أضحية، إلاّ إذا كان الاشتراك في الإبل والبقر كل واحدة عن سبعة فقط، ويدفع قيمة السبع، أما أن يدفع شخصان أو أكثر قيمة السبع أو يشتركون في قيمة الغنم الواحدة فهذا لا يجوز ولا يصح منهم ذلك.

لأنه عمل لم يكن على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولم يعمل به الخلفاء الراشدون من بعده، بل إنه كان هناك فقراء في عهده عليه الصلاة والسلام ولم يرشدهم للاشتراك في التملك، لأن ذلك لو كان جائزاً لأرشدهم إليه لحاجتهم الماسة إلى ذلك، ولأنه ليس كل الناس يستطيعون أن يضحوا، فكانت الحاجة إلى بيان جواز الأمر ملحة، وحيث أنه لم يحصل ذلك دلّ على عدم الجواز.

اشتراك السبعة كل بدرهم:

أما حديث أبي الأشر الذي فيه اشتراك السبعة كل بدرهم فاشتروا أضحية وذبحوها، قال عنه الهيثمي: أبو الأشر لم أجد من وثقه ولا جرحه وكذلك أبوه [5]، وقال في بلوغ الأماني شرح ترتيب المسند " والظاهر أن هذه الأضحية كانت من البقر، لأن الكبش لا يجزئ عن سبعة، ولها قرون فتعين أن تكون من البقر. والله أعلم.

ولأن الكبش لا يحتاج أن يمسك به السبعة وفي إمساكهم به عسر وضيق، ويكفي في إمساكه واحد، اللهم إلاّ أن يقال أن تكلف إمساكهم به ليس من أجل استعصائه بل من أجل أن يحصل اشتراك الجميع في ذبحه، والله أعلم.
فعلم من ذلك عدم جواز الاشتراك في الكبش الواحد أو سبع البدنة، لما ثبت من الأحاديث وأقوال العلماء في ذلك.

فائدة 1:

لو كان هناك وصايا بذبح أضحية لكل واحد من الموصين، ولم تكف النفقة فإنه لا يجوز أن تكمل بعضها ببعض، لأنه لا يجوز الاشتراك في الملك.

فائدة 2:

إذا اشترك شخصان فأكثر في شراء أضحية واحدة من الغنم أو سبع بدنة ثمّ ضحيا بها عن قريب لهما فإنه يجوز ذلك لأنها أصبحت في ملك المضحى عنه وهو في الحقيقة شخص واحد.
وهذا كما لو دفعت قيمتها إلى المضحى عنه فضحى بها فهذا جائز بلا ريب.

[1]- [عون المعبود 8 / 4 _ 5].
[2]- [رواه مسلم].
[3]- [رواه أحمد].
[4]- [رواه مسلم وأبو داود والترمذي].
[5]- [مجمع الزوائد4 / 24].