الميثاق الجماعي المغربي: تنظيم عمل المنتخبين المحليين ودورات المجالس الجماعية ومجالس المقاطعات
يُعدّ الظهير الشريف رقم 1.02.297 الصادر بتاريخ 25 من رجب 1423 (3 أكتوبر 2002)، بمثابة القانون رقم 78.00 المتعلق بالميثاق الجماعي، إطارًا قانونيًا أساسيًا ينظم عمل الجماعات الترابية في المغرب. يهدف هذا الميثاق إلى تحديد صلاحيات واختصاصات المجالس الجماعية ومجالس المقاطعات، وتنظيم سير عملها، بالإضافة إلى تحديد حقوق وواجبات المنتخبين المحليين، بمن فيهم الموظفون والأعوان العموميون الذين يزاولون مهام انتدابية جماعية. هذا التحديد يضمن التوازن بين المهام الوظيفية والمسؤوليات المنتخبة، ويعزز الحوكمة المحلية.
تسهيلات خاصة للموظفين والأعوان المنتخبين في المجالس الجماعية:
يولي الميثاق الجماعي أهمية خاصة لوضعية الموظفين والأعوان العموميين (سواء من الدولة، الجماعات المحلية، أو المؤسسات العامة) الذين يتم انتخابهم لتولي مهام انتدابية في المجالس الجماعية. ويهدف ذلك إلى تسهيل قيامهم بمهامهم التمثيلية دون الإضرار بوضعهم الوظيفي أو مرتبهم:
رخص استثنائية لحضور الدورات واللجان (المادة 16):
يُمنح الموظفون والأعوان المنتخبون الذين يمارسون انتدابًا عموميًا جماعيًا رخصًا استثنائية أو إذنًا بالتغيب مع الاحتفاظ بكامل المرتب. لا تُحتسب هذه الرخص ضمن الرخص الاعتيادية للموظف. وتُمنح هذه الرخص في حدود المدة الفعلية لانعقاد دورات المجالس التي ينتمون إليها، وكذلك لحضور اجتماعات اللجان الدائمة التي هم أعضاء فيها. هذا البند يضمن للمنتخبين الوقت الكافي لأداء مهامهم التشريعية والرقابية داخل المجالس دون التأثير على دخلهم أو حقوقهم الوظيفية الأخرى.
تسهيلات الانتقال ورخص التفرغ لرؤساء المجالس الجماعية (المادة 31):
يستفيد موظفو وأعوان الدولة أو الجماعات المحلية أو المؤسسات العامة الذين يُنتخبون رؤساء للمجالس الجماعية من تسهيلات إضافية نظرًا للمسؤوليات الجسيمة الملقاة على عاتقهم. يمكن لهؤلاء الرؤساء الحصول على الأسبقية أو التسهيلات اللازمة لانتقالهم للعمل بالقرب من مقر جماعتهم التي يترأسونها. ويتم ذلك بما يضمن عدم الإضرار بالمرفق العام الذي يتبعون له، وحسب ضرورة المصلحة.
بالإضافة إلى ذلك، يستفيد رؤساء المجالس الجماعية، بحكم القانون، من رخصة استثنائية أو إذن بالتغيب لمدة يوم كامل، أو لمدة نصف يوم مرتين في كل أسبوع. تُمنح هذه الرخص أيضًا مع الاحتفاظ بكامل المرتب ودون أن تُحسب ضمن رخصهم الاعتيادية. هذه التسهيلات تهدف إلى تمكين رؤساء المجالس من التفرغ لإدارة شؤون الجماعة بفعالية أكبر، مع الحفاظ على حقوقهم الوظيفية.
تنظيم دورات المجلس الجماعي: الفصول العادية والاستثنائية
ينظم الميثاق الجماعي بدقة مواعيد وطريقة انعقاد دورات المجلس الجماعي، لضمان استمرارية العمل واتخاذ القرارات اللازمة:
الدورات العادية (المادة 58، الفقرة الأولى):
يجتمع المجلس الجماعي وجوبًا أربع مرات في السنة في دورات عادية. تُعقد هذه الدورات خلال أشهر فبراير، أبريل، يوليو، وأكتوبر. يتم استدعاء الأعضاء بـدعوة مكتوبة من رئيس المجلس، ويجب أن تكون الدعوة مصحوبة بـجدول الأعمال المقرر للمناقشة.
مدة الدورات العادية وتمديدها (المادة 58، الفقرة الثانية والثالثة):
لا يمكن أن تتجاوز مدة كل دورة عادية خمسة عشر (15) يومًا متتالية من أيام العمل. ومع ذلك، يُمكن تمديد هذه المدة بقرار يصدره الوالي أو العامل، بناءً على طلب من الرئيس. لكن هذا التمديد لا يمكن أن يتعدى سبعة (7) أيام متلاحقة من أيام العمل. يهدف هذا التحديد الزمني إلى ضمان سير العمل بفعالية وعدم إطالة الدورات بشكل مفرط.
الدورات الاستثنائية (المادة 58، الفقرة الرابعة والخامسة والسادسة):
يمكن للرئيس أن يستدعي المجلس لعقد دورة استثنائية كلما دعت الظروف إلى ذلك. ويتم ذلك بأحد الأساليب التالية:
- بمبادرة من الرئيس نفسه.
- عند تلقي طلب مكتوب من السلطة الإدارية المحلية المختصة (الوالي أو العامل أو ممثله).
- بناءً على طلب مكتوب من ثلث الأعضاء المزاولين لمهامهم، ويجب أن يكون هذا الطلب مرفقًا بالمسائل المزمع عرضها على المجلس.
- يجتمع المجلس في الدورة الاستثنائية خلال الخمسة عشر (15) يومًا التالية لتقديم الطلب. وتُختتم الدورة فور استنفاد جدول الأعمال الذي دُعيت من أجله، وفي جميع الحالات يجب ألا تتجاوز مدتها سبعة (7) أيام متتالية من أيام العمل. ولا يمكن تمديد هذه المدة، مما يؤكد على طابعها الطارئ والمحدد بأهداف معينة.
مهلة الاستدعاء (المادة 58، الفقرة السابعة):
يجب أن يتم توجيه الاستدعاءات لحضور أي دورة، سواء كانت عادية أو استثنائية، قبل موعد انعقاد الدورة بثلاثة (3) أيام كاملة على أقل تقدير. هذه المهلة تضمن للأعضاء الوقت الكافي للتحضير والاطلاع على جدول الأعمال.
تنظيم دورات مجلس المقاطعة:
تنطبق أحكام مماثلة على تنظيم عمل مجالس المقاطعات، مع بعض الاختلافات في مواعيد الدورات ومدة الدورات الاستثنائية:
الدورات العادية (المادة 97، الفقرة الأولى):
يجتمع مجلس المقاطعة بدعوة من رئيسه وجوبًا ثلاث مرات في السنة في دورة عادية خلال أشهر يناير، يونيو، وسبتمبر.
الدورات الاستثنائية (المادة 97، الفقرة الثانية والثالثة):
يستدعي رئيس مجلس المقاطعة المجلس لعقد دورة استثنائية كلما دعت الظروف إلى ذلك. يمكن أن تكون المبادرة لعقد الدورة الاستثنائية من:
- الرئيس نفسه.
- رئيس المجلس الجماعي (الذي تتبع له المقاطعة).
- ثلث الأعضاء المزاولين لمهامهم في مجلس المقاطعة.
- الوالي أو العامل أو ممثله.
لا يمكن أن تتجاوز مدة الدورة الاستثنائية لمجلس المقاطعة ثلاثة (3) أيام متتالية من أيام العمل، ولا يمكن تمديد هذه المدة.
العلاقة مع النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية:
يُعزز الميثاق الجماعي الأحكام المتعلقة بالرخص الاستثنائية الممنوحة للموظفين المنتخبين، وذلك بالاستناد إلى الفصل 41 (الفقرة الأولى) من النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية. هذا الفصل ينص على أنه:
"يجوز إعطاء رخص استثنائية أو الإذن بالتغيب مع التمتع بكامل المرتب دون أن يدخل ذلك في حساب الرخص الاعتيادية: ... للموظفين المكلفين بنيابة عمومية طيلة الدورات التي تعقدها المجالس المنتمون إليها إذا كانت النيابة المنوطة بهم لا تسمح بجعلهم في وضعية الإلحاق لماهيتها أو لمدتها".
يؤكد هذا التوافق القانوني على الأهمية التي يوليها المشرع المغربي لتمكين الموظفين من أداء مهامهم الانتخابية، مع الحفاظ على حقوقهم الوظيفية، وذلك دون الحاجة لوضعية الإلحاق إذا كانت طبيعة المهمة أو مدتها لا تستدعي ذلك.
التسميات
رخص