الأضحية في العيد عن الأموات.. الذبح عن الميت لا يجوز بغير وصية أو وقف وذبح الأضحية أفضل من الصدقة بثمنها



إذا أوصىّ الميت بالتضحية عنه، أو وقّف وقفاً لذلك (أي ليذبحوا منه أضحية عن الميت) جاز ذلك بالاتفاق.
فإن كانت الأضحية واجبة بالنذر وغيره، وجب على الوارث إنفاذ ذلك، أماّ إذا لم يوصي بها وأراد الوارث أو غيره أن يضحي عنه من مال نفسه، فذهب الحنفية والمالكية والحنابلة إلى جواز التضحية عنه.
إلاّ أن المالكية أجازوا ذلك مع الكراهة، وإنما أجازوه لأن الموت لا يمنع التقرب عن الميت كما في الصدقة والحج.
وذهب الشافعية إلى أن الذبح عن الميت لا يجوز بغير وصية أو وقف[1].
لكن يجب أن يعلم المسلم أن الأصل في الأضحية أنها في حق الحي.
وقد اختلف العلماء.. هل الأضحية عن الميت أفضل أم الصدقة بثمنها؟
فذهب الحنابلة وكثير من الفقهاء إلى أن ذبحها أفضل من الصدقة بثمنها، وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية.
وذهب بعضهم إلى أن الصدقة بثمنها أفضل، وهذا القول أقوى في النظر، لأن التضحية عن الميت لم يكن معروفاً عن السلف.
والأمر في ذلك واسع، ففضل الله عظيم وعطاؤه جزيل.
والصدقة بثمن الأضحية هذا في حق الأموات، أماّ الأحياء فسيأتي بيان ذلك إن شاء الله تعالى في النقطة التي تلي.
فالمقصود من ذلك أن إدخال الأموات تبعاً للأحياء في الأضحية، قد دلّت عليه السنة، فإن النبي صلى الله عليه وسلم "ضحىّ عنه وعن أهل بيته".
وأهل بيته فيهم الأحياء وفيهم من مات، وقد ضحىّ عليه الصلاة والسلام وقال " اللهمّ هذا عن أمتي جميعاً".
ويدخل فيهم الأحياء والأموات.
أماّ أن يستقل الحي بأضحيةٍ عن نفسه وأضحية أخرى يخصُّ بها الميت، فقد كره ذلك بعض أهل العلم، والصحيح جوازها، لأنها تكون صدقةً من الصدقات، بل قال بعض العلماء أنها صدقةٌ ينتفع بها الميت ويصل إليه ثوابها.
والدليل على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: "إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلاّ من ثلاث: صدقة جارية، أو علم يُنتفع به، أو ولد صالح يدعو له"[2].
بل قال بعضهم أن الأضحية عن الميت أفضل منها عن الأحياء، لأن الميت عاجزٌ ويحتاج إلى الثواب[3].
لكن هذا القول مرجوح ، لأنه لم يكن من هدي النبي صلى الله عليه وسلم، فقد ماتت قبله بعض زوجاته وبعض بناته وجميع الذكور من أبنائه ، وكذلك عمّه حمزة، ومع ذلك لم يثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه ضحّى عن أحدٍ منهم.
وعموماً من ضحى عن أمواته ببهيمة الأنعام فله أجر بإذن الله تعالى، ومن تصدق بالثمن جاز بإذن الله تعالى، وله أجر ذلك، ولا ينبغي التحجير والتضييق في المسألة، فالأمر في ذلك واسع ولله الحمد والمنّة[4].
[1] الموسوعة الفقهية 5 / 106.
[2] متفق عليه.
[3] شرح منتهى الإرادات 1 / 612.
[4] الدرر السنية 5 / 401.


المواضيع الأكثر قراءة