دراسة حميد لحمداني للرواية المغربية.. التعبير عن وعي ضمني بضرورة تغيير القيم السائدة في المجتمع وكشف عيوب الواقع وإظهار عوراته وتناقضاته



دراسة حميد لحمداني للرواية المغربية:

إن دراسة حميد لحمداني للرواية المغربية ولما عكسته من مواقف متباينة بالنسبة للواقع الاجتماعي جعلته يتبنى بعض المنطلقات التي كانت عبارة عن فرضيات، حيث صنّفت الأعمال الروائية المغربية في صنفين:
1- روايات تعكس موقفاً متصالحاً مع الواقع.
2- روايات تعكس موقفاً انتقادياً للواقع.

روايات الصنف الأول:

ومن البّين أن روايات الصنف الأول تتعامل مع الواقع بمنظار لا يأخذ بعين الاعتبار حتمية التطور التاريخي، ولذلك فهي تنظر إلى المجتمع كواقع سكوني، أو أنها ترصد مرحلة من مراحل التطور السابقة للمجتمع.

وهذا ما نجده في روايات عبد الكريم غلاب الذي لم تتجاوز رؤيته مرحلة الحصول على الاستقلال، ولا يمكن لفكره أن يعكس تطابقاً كاملاً من (الوعي القائم) للفئة الاجتماعية التي ينتمي إليها أو يعبّر عنها.

فصائل البورجوازية الوطنية:

بيد أن روايات غلاب إذا كانت قد عبّرت فقط عن (الوعي الممكن) عند بعض فصائل البورجوازية الوطنية فذلك يعني أنها لم تأخذ بعين الاعتبار أصناف الوعي الممكن للفئات الاجتماعية الأخرى، وخاصة تلك التي كانت تنتقد الواقع وتطمح إلى ما هو أفضل.

ولهذا ظلت روايات غلاب تدور في نطاق التصالح مع الواقع الكائن، لأنها لسان حال البورجوازية السائدة التي استلمت مواقع الاستعمار.

كذلك كانت روايات مبارك ربيع تراوح عند موقف المصالحة، فهي عندما تتناول بعض الأحداث التاريخية المرتبطة بفترة الاستعمار، تتعامل معها كذكرى حافلة بالنضال.

رفقة السلاح والقمر:

ثم تقف عند النقطة السعيدة لتعبر عن البورجوازية الصغيرة وفكرها الطامح إلى الحلول محل البورجوازية الكبيرة.
ولهذا نجد روايات مبارك ربيع تتذبذب في مضامينها الفكرية، فتارة متصالحة مع الواقع لأنها تعبر عن فكر البورجوازية السائدة (رفقة السلاح والقمر، الريح الشتوية)، وتارة تنتقد الواقع لأنها تعبر عن فكر البورجوازية الصغيرة (الطيّبون).

روايات نقد الواقع:

وأما النوع الثاني من الروايات فهي تعكس موقفاً انتقادياً من الواقع كمظهر سطحي، ولكنها في العمق تحيل إلى موقف المصالحة مع الواقع، فبعد أن تُجلّي في كشف عيوب الواقع وتظهر عوراته وتناقضاته، تميل في النهاية إلى تبرير تلك العيوب واعتبارها قدراً لا سبيل إلى تغييره! كما نجد في (جيل الظمأ) و(إكسير الحياة) لمحمد عزيز الحبابي، و(المغتربون) لمحمد الأحسايني.

أما روايات نقد الواقع فإنها تعبر عن وعي ضمني بضرورة تغيير القيم السائدة في المجتمع. وهذا ما يجعلها تشكل موقفاً إيجابياً إذا ما قيست بالروايات التي تتصالح مع القيم السائدة.


المواضيع الأكثر قراءة