انفتاح النصّ الروائي وتحليل الخطاب الروائي لسعيد يقطين.. تحليل النص الروائي العربي باعتباره بنية دلالية باعتماد نظريات النص وسوسيولوجيا النص الأدبي



انفتاح النصّ الروائي وتحليل الخطاب الروائي لسعيد يقطين:

إن كتاب سعيد يقطين (انفتاح النصّ الروائي) هو تكملة لكتابه السابق (تحليل الخطاب الروائي).
ولعلهما كانا كتاباً واحداً في تحليل الخطاب الروائي. ولكن الناشر رأى فصلهما في كتابين، لأسباب تجارية.

تحليل السرد:

والدليل على ذلك أنهما صدرا في وقت واحد (عام 1989)، وأنهما يعالجان موضوعاً واحداً هو تحليل السرد، وأن الكتاب الأول عالج ثلاثة مكونات روائية هي: الزمان، والسرد، والتبئير، وأن الثاني يستكمل معالجة المكونات الروائية في مكّونين هما: النص، والسياق. ويطمح إلى تحليل النص الروائي العربي باعتباره بنية دلالية، مستفيداً من أهم إنجازات نظريات النص وسوسيولوجيا النص الأدبي، ومحاولاً البحث عن دلالة النص الروائي انطلاقاً من داخله، وطامحاً إلى إقامة تصوّر متكامل يسعى إلى تجاوز الدراسات السوسيولوجية البسيطة والمضمونية التي هيمنت طويلاً في مضمار النقد الأدبي العربي.

مكونات النص:

ومن خلال تعريف النص بأنه (بنية دلالية تنتجها ذات ضمن بنية نصيّة منتجة في إطار بنية سوسيونصيّة) حاول الباحث إقامة تصّور يتيح الانتقال من الخطاب إلى النص، ومن البنيوي إلى الوظيفي.
وحدّد مكونات النص بـ:
1- البناء النّصّي.
2- التفاعل النصي.
3- البنيات السوسيونّصية.

البناء النّصي والتفاعل النّصي:

ففي (البناء النّصي) تتمّ عملية البناء النصي من لدن الكاتب والقارئ، فكلاهما يسهم في إنتاج دلالة النصّ عبر عملية بنائه للنّص.
وفي (التفاعل النّصي) بحث عن العلاقات التي يدخل فيها النص مع بنيات نصيّة سابقة ومعاصرة.
وبوضع النص في (سياق البنية الثقافية والاجتماعية) التي ظهر فيها يمكن الكشف عن خصوصيته وإنتاجيته.

تحليل الخطاب الروائي:

وكما اشتغل الباحث على خمسة نصوص روائية عربية في كتابه (تحليل الخطاب الروائي) وطّبق عليها المقولات النظرية، فقد تابع هنا أيضاً تطبيق المقولات النظرية في السرد الروائي على الروايات الخمس نفسها.

وهذا دليل آخر على أن الكتاب واحد لا اثنان.
وقد مهّد الباحث بمدخل إلى (تحليل النص الروائي) عرّف فيه بالخطاب، وبالنص، وبنظريات النص.
ثم انتقل من (الخطاب) كأكبر وحدة قابلة للتحليل والوصف، إلى (النص) كإمكانية مفتوحة لتعدد المقاربات والتحليلات...

التمييز بين الخطاب والنص:

في التمييز بين (الخطاب) و (النص) لا يفرق بعض السرديين (جينيت، تودوروف، فاينريش...) بينهما، فيستعملونهما بنفس الدلالة.
لكن باحثين آخرين يميّزون بينهما (شلوميت، فاولر، ليتش...) فترى (شلوميت) أن (النص) هو ما يتعامل معه القارئ، وهي تعالجه من خلال: الزمن، والتشخيص، والتبئير.

وهي إذ تربط النص بالقراءة فإنها تفتح باباً للدخول إلى عالم القراءة من خلال جماليات التلقي.
ويرى (فاولر) في كتابه (اللسانيات والرواية) أن النص يعني البنية السطحية الأكثر إدراكاً ومعاينة، مثل: التقسيم إلى فقرات، وفصول، وصفحات، على اعتبار أن أي نص هو فعل لغوي ينجزه كاتب ضمني لقارئ ضمني.

الأسلوب في الرواية:

وكذلك يميز (ليتش، وشورت) في كتابهما (الأسلوب في الرواية) بين الخطاب والنص، من خلال بلاغة النص وبلاغة الخطاب.
فيُعنيان بالمستوى الكرافي للنص، باعتباره متوالية خطية ذات علاقة مرئية على الورق.

وتجسيده الكرافي (الكتابي) يمنحه إمكانية أن يحلّ على صعيد الشفرة لامتلاكه خصائص لسانية ضمنية إلى جانب الشكل الكتابي. ومن خلال دراسة أسلوبية النص يمكن استنتاج الوظيفة الفنية للنص في الانسجام.

البنية السطحية الخطية للنص:

وهكذا نستخلص من آراء (شلوميت، وفاولر، وليتش، وشورت) أن (النص) مسجل من خلال تجلّيه الكتابي.
فهو ما نقرأ، وهو تلك البنية السطحية الخطية، أو ذلك المظهر الكرافي كما هو متجلّ على الورق.
وإلى جانب هذا (البعد الكتابي) نجد (البعد الوظيفي) حيث لا يكون الوقوف عند الحد السطحي أو التركيبي.

كما نجد ربط النص ببنيات خارجية تتم من خلال القراءة (شلوميت) أو التناصّ (فاولر) أو المستويات القيمية للظاهرة الأسلوبية (ليتش، وشورت).
وبهذه الصفات يتميز النص عن الخطاب أو عن السرد، ويأخذ مظهره المادي في علاقته بالقارئ.

بعض مظاهر أنحاء النص:

مظهر آخر للتمييز بين الخطاب والنص يبدو مع (فان ديك) Van Dijck الذي سعى إلى إقامة تصور متكامل حول (نحو النص) منذ كتابه (بعض مظاهر أنحاء النص) 1972 وحتى كتابه (النص والسياق) 1977 حيث ينطلق من تحليل سيكولساني للخطاب والنص، رابطاً بين الدلالة والتداولية.