التغيرات العقلية والمستوى الفكري للمراهق.. قلة التجارب وانعدام الخبرات وتزايد الذكاء واتساع القوى المرتبطة بالعقل كالذاكرة والمخيلة والقدرة على الإبداع والابتكار

إن فكر الشباب فكر متجدد يتطرق لمختلف المواضيع إلا أنه يمتاز بعدم الثبات وسرعة التغير رغم نشاطه القوي. وقد يكون ذلك عائد إلى قلة التجارب وانعدام الخبرات بالدرجة الأساس. ويرجع علماء النفس الاجتماعي سبب هذه التغيرات إلى أن ذهن الشاب يستقبل باستمرار أفكارا وآراءا خارجية تؤثر عليه دون أن تكون لديه القدرة على تقييمها وتحليلها واكتشاف مواطن القوة والضعف فيها. وهذا ما يجعل الشاب في مهب الأفكار المنحرفة والمغرضة والتي تطلى بمظاهر خداعة على غير واقعها. ولهذا، نرى أن أصحاب الفكر الجديد أو أصحاب الأفكار الهدامة إذا ما رغبوا في نشر فكرهم يعمدون إلى هذه الفئة من الناس لسهولة السيطرة على تفكيرهم وبساطة تشكيل معتقداتهم وتسخيرهم بالتالي لتحقيق أغراضهم الخاصة.
إن عدم امتلاك الناشئة والشباب لخلفيات فكرية متينة هو السبب الرئيسي في انضمامهم إلىالتشكيلات والتكلات والتنظيمات السياسية ذات الأغراض المتعددة. وليس بميسور الشباب أن يكتشفوا أخطاءهم إلا بعد مرور فترة غير قصيرة من الزمن يكتسبون فيها التجارب والخبرات التي تؤهلهم للحكم على الموقف. ويرى أغلب علماء النفس أن الشاب في مرحلة المراهقة يمر بأخصب مراحل النمو العقلي وتزايد الذكاء الذي يصل إلى ذروته حيث أن جميع القوى المرتبطة بالعقل تأخذ بالاتساع كالذاكرة والمخيلة والقدرة على الإبداع والابتكار علما بأن تجاهل هذه القدرات العقلية سيتسبب بصورة حتمية ومباشرة إلى ضمورها بمرور الزمن، لذا فإنه لابد من العمل على تنميتها وتقويتها. وعلى الرغم منبروز الشاب بمستوى عقلي متميز إلا أنه يكون عاجزا في أغلب الأحيان عن تحليل الأموروتفسيرها وذلك لبطئ تبلور المستوى العقلي إلى الحد الذي يجعله قادرا على التمييزبين الصح والخطأ أو بين الخير والشر. ولهذا فإن آراء الشباب في هذه الفترة تتميزبالسطحية لكونها مبنية على مشاهدات لا على خبرات عملية وواقعية، ولكون هذه المرحلة خاضعة لتأثير العواطف التي غالبا ما تكون هي المسيطر الأول على القرارات والأحكام التي يهتدي إليها. والجدير بالذكر هنا، هو أن المراهق يتأثر تأثرا شديدا بتجاهلالآخرين له ولآرائه الشخصية لجهله بالسبب وراء ذلك، الأمر الذي قد يعود عليه بنتائجسلبية تنعكس آثارها على العملية التربوية بشكل عام ومدى استجابة المراهق للإرشادوالتوجيه. ومن هنا، فإن أي استراتيجية تربوية للتعامل مع المراهق لابد وأن تنبني على فهم هذه الخصائص واستيعابها لضمان سلامتها، وإلا كانت النتيجة انفلات زمام الأمور من يد المربين وبالتالي انجرار المراهق شابا كان أو فتاة نحو السلوكيات المنحرفة.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال