نماذج من الغيرة الطبعية في سيرة الرسول (ص) مع أزواجه.. الغيرة تعمي المرأة فترى الأمور على غير حقيقتها

جاء في هذا النوع من الغيرة الطبعية جملة من الحوادث في سيرته r  مع أزواجه منها:
* عن أنس قال كان النبي r عند بعض نسائه فأرسلت إحدى أمهات المؤمنين بصحفة فيها طعام فضربت التي النبي r  في بيتها يد الخادم فسقطت الصحفة فانفلقت فجمع النبي r فلق الصحفة ثم جعل يجمع فيها الطعام الذي كان في الصحفة ويقول غارت أمكم ثم حبس الخادم حتى أتى بصحفة من عند التي هو في بيتها فدفع الصحفة الصحيحة إلى التي كسرت صحفتها وأمسك المكسورة في بيت التي كسرت. رواه البخاري ج: 5 ص: 2003  ح 4927
* ونقل الذهبي في السير عن عائشة أنها قالت: كان رسول الله r إذا ذكر خديجة لم يكد يسأم من ثناء عليها واستغفار لها فذكرها يوماً فحملتني الغيرة فقلت: لقد عوضك الله من كبيرة السن. قالت: فرأيته غضب غضباً أسقطت في خلدي وقلت في نفسي اللهم إن أذهبت غضب رسولك عني لم أعد أذكرها بسوء فلما رأى النبي r  ما لقيت قال: كيف قلت والله لقد آمنت بي إذ كذبني الناس وآوتني إذ رفضني الناس ورزقت منها الولد وحرمتموه مني. قالت: فغدا وراح علي بها شهراً .
وقالت عائشة: ما غرت على امرأة كما غرت على خديجة من كثرة ما كان رسول الله r يذكرها.
 قلت [والقائل الذهبي]: وهذا من أعجب شيء أن تغار رضي الله عنها من امرأة عجوز توفيت قبل تزوج النبي r  بعائشة بمديدة ثم يحميها الله من الغيرة من عدة نسوة يشاركنها في النبي r  فهذا من ألطاف الله بها وبالنبي r لئلا يتكدر عيشهما ولعله إنما خفف أمر  الغيرة عليها حب النبي r  لها وميله إليها فرضي الله عنها وأرضاها. سير أعلام النبلاء ج: 2 ص: 112  و  ج: 2 ص: 165
* بل وأعظم من هذا أن تعمي الغيرة المرأة فترى الأمور على غير حقيقتها. فعن عائشة قالت: لما تزوج النبي r  أم سلمة حزنت حزناً شديداً لما ذكروا لنا من جمالها فتلطفت حتى رأيتها فرأيتها والله أضعاف ما وصفت لي في الحسن، فذكرت ذلك لحفصة - وكانتا يداً واحدة - فقالت: لا والله إن هذه إلا الغيرة ما هي كما تقولين وإنها لجميلة. فرأيتها بعد فكانت كما قالت حفصة ولكني كنت غيرى. سير أعلام النبلاء ج: 2 ص: 209
* وإذا استعانت المرأة المؤمنة بالله تعالى فإنه بلطفه ورحمته يخفف عنها ما تجد من آثار الغيرة فلا تتجاوز حدود الطبيعة البشرية. فعن حبيب بن أبي ثابت قال: قالت أم سلمة: أتاني رسول الله r فكلمني وبيننا حجاب فخطبني . فقلت: وما تريد إلي، ما أقول هذا إلا رغبة لك عن نفسي إني  امرأة قد أدبر من سني، وإني أم أيتام وأنا شديدة  الغيرة وأنت يا رسول الله تجمع النساء. قال: أما الغيرة فيذهبها الله وأما السن فأنا أكبر منك وأما أيتامك فعلى الله وعلى رسوله، فأذنت فتزوجني. سير أعلام النبلاء ج: 2 ص: 204 ـ205
* وعن عبد الرحمن بن الحارث قال: كان رسول الله r في بعض أسفاره ومعه في ذلك السفر صفية بنت حيي وأم سلمة، فأقبل رسول الله إلى هودج صفية بنت حيي وهو يظن أنه هودج أم سلمة وكان ذلك اليوم يوم أم سلمة، فجعل رسول الله يتحدث مع صفية. فغارت أم سلمة وعلم رسول الله بعد أنها صفية فجاء إلى أم سلمة فقالت: تتحدث مع ابنة اليهودي في يومي وأنت رسول الله!! قالت: ثم ندمت على تلك المقالة. فكانت تستغفر منها. قالت: يا رسول الله استغفر لي فإنما حملني على هذا  الغيرة. الطبقات الكبرى ج: 8 ص: 95
تأمل هذا الموقف. فالمرأة المؤمنة وإن مسها طائف من الغيرة بحكم الجبلة الإنسانية فإنها ما تلبث أن تطرد هذا الطائف بإيمانها بالله تعالى واستعانتها به عز وجل.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال