صور وتمثلات المغربي من خلال الشتائم.. قشابتي واسعة لتقبل السخرية الممزوجة بالشتم وعدم الوقوف عندها ومامسوقش لعدم الإنتباه للشتائم



صور وتمثلات المغربي من خلال الشتائم

يصور المغربي من خلال الشتائم المتدوالة في المغرب في حالة من الإنتقاص التام لإنسانيته وكرامته  المجروحة بمهانة كبيرة ويحمل الشاتم شحنات زائدة من العدوانية يفرغها في لحظات غضب بكلمات جارجة وقاسية تضفي عليها الدارجة جرعات زائدة من السخرية، وهي أشد من الضرب الجسدي دون أن تترك كدمات واضحة ولكن الشتائم تبقي أثرا نفسيا عميقا من الكآبة ومن الإحساس بالظلم وبالإحتقار في نفسية المشتوم. ويتصورها المغاربة جميعا "كأذية" تنزل بهم من طرف الحاقدين والمتسلطين.

الطقل البرهوش والبعلوك:

يصور الطفل المغربي في حالة السباب والشتم بـ"البرهوش""البرهوشة " "البعلوك" "البعلوكة" الفاقد للأهلية والذي لايمكن محاسبته وتنتقل حالة الصييانية هاته إلى وصف الإجتماع الذي لايفضي إلى شيء بـ"اجتماع ديال البراهش" كيفما كان هذا الإجتماع، وهي كما يسميها الباحث الإسباني أماندو دي ميغيل بالخروج من متاهة الشتائم التقليدية وإختراع بعض التعابير الجديدة مع إبقاء بنية السخرية للإضفاء على الشتيمة مسحة جديدة.

المرأة العاهرة والفقيرة والخانزة والبركاكة والخانزة سهلة الإغواء:

وتصور المرأة المغربية في الشتائم المتدوالة بأحط الأوصاف بالعاهرة والفقيرة و"الخانزة" "البركاكة" "الكلبة"... والحط من كرامتها في أي نزال بسيط أو خصام.في حين لايتم شتم المرأة الغنية وهذه من المفارقات.

وتوصيف المرأة المشتومة بأنها "سهلة الإغواء" نظرا للوضع الإجتماعي والإقتصادي البائس وهذا يحيل إلى كيف يفكر الرجل والمجتمع عموما في المرأة المغربية.من جهة أخرى فإن ربط المرأة في الشتيمة بالحيوان "الكلبة" "بنت الكلب" فيه إهانة كبيرة للمرأة بالحط من إنسانيتها والغريب في الأمر إعادة إنتاج نفس القيم من خلال إنتاج مجموعة من الأغاني الشعبية التي لقيت نجاحا باهرا مثال( نجاة اعتابو/ شوفي غيرو شوفي الكلبة تبعاه).

وتبقى هذه النعوتات المستمدة من الشتائم "لحرامية" "لحريمية" "الخانزة" "صوبيصا"،"مريوة"، "سكايرية"... أي الحرام، الحيل، عدم الطهر والنظافة والإنتقاص الكامل من أنوثتها هي إسقاطات لمرجع ديني محض يقلل من المرأة ومن مكانتها.


القبيحة والبايرة للمرأة العانس:

وتصور المرأة من جانب أخر بـ"المسخوطة" "الواعرة" "القبيحة" وهو تمثل يحيل إلى قدرة المرأة على   القيام بأي فعل دنئ في نظر المجتمع.

كما يتمتلها المجمتع من خلال صورة "البايرة" "المسخة" "لهبيلة"، "الحمقا"، "قبيحة" وهذه التوصيفات وهذه الشتائم تعكس رؤية المجتمع بصفة عامة للمرأة حينما تتخلف عن موعد الزواج قليلا أو لها نسبة معينة من الجمال مظهريا.

سكايري وحشاش وخلواض:

أما الرجل فلايخرج عن نطاق هذه التمثلات الشتائمية مع إضافة تلك العبارة المغربية الشهيرة "راه غير راجل والمعيور ما غاديش يلصق به راه ماشي مرا" وهنا يمكن إبداء ملاحظة جوهرية أن الشتائم تلتصق فقط بالمرأة أما الرجل فيظل قويا رغم ما يوصف به "سكايري"، "حشاش" خلواض"... وهذه من المفراقات العجيبة، ينضاف إليها عدم سب الرجل الغني.

العلاقات العاطفية وعلاقات الزواج:

وإذا كانت الشتائم في المغرب تعكس قوة الرجل وضعف المرأة فإنها تبرز طريقة تفكير المجتمع ويمكن التطرق إلى حالة العلاقات العاطفية وعلاقات الزواج وحالات السب والشتم التي تنبني على ضوء هذه العلائق.ونجد "مذلولة" (من الذل)، المهانة، "الشايطة"، "الرخيصة"... في وصف طبيعة المرأة داخل هذه العلاقة سواء كانت زوجة أو خليلة أو خادمة.

إن حالة "إهتراء" هذه العلائق الأسرية والمجتمعية في ظل وضع اجتماعي يتسم بالقسوة والنكران يحبل بمثل هذه التمثلات التي تكون صادمة وقوية في ظل ذهنيات تعكس رؤيتها الحياتية بالجهل والأمية والمواريث الشفهية.

بلاد الزلط:

ولاتخرج الأرض والحيوان من هذا التمثل بوصف الأرض الجرباء "ببلاد الزلط" والسخط وعن الذي الذي لاتحبه وتلقاه في الصباح الباكر وتتطير منه "صبحنا على الله"سواء كان قطا أسودا أو "بنادم" (إنسان) كيفما كان طفلا أو إمرأة أورجلا وينعث "بالمصباحي".

وكذلك ينعث المشتوم ذكرا أو أنثى بالحشرة كمثال "الشنيولة" أوبوصف نباتي أو هندسي"المنذجلة" (البادنجال) أو "المكيورة" "المدورة" وكلها أوصاف تقلل من قيمة الفرد داخل المجتمع.

والشتم بالمرض "الله يعطيك الوبا" أي "الوباء" أو الطاعون أو الجدري أو البرص أو" السالمة" تعكس نموذج من عقلية المغاربة عوض المؤازرة في حالات المرض يصبح المرض نفسه شتيمة للتشفي والإمتعاض من الأخر.

ناري على جنس كيف داير:

ويتمثل المغاربة أي إنسان أخر بهذه العبارة "ناري على جنس كيف داير" سواء كان مسلما أو يهوديا أو مسيحيا أو أجنبيا... في إحالة إلى عدم التواصل بشكل جيد معه.

أما من حيث شتائم اللون فهناك "الحرطاني" "الحرطانية"، "السوداني"، "الضراوي" وتحمل هذه الشتائم أوصافا إلى جانب أنها تحمل بعدا قدحيا وتمييزيا.

ومن أغرب الأشياء أن هناك مغاربة يتقبلون الشتم ويبدعون فيه ونجد في مراكش مثلا "قشابتي واسعة" لتقبل السخرية الممزوجة  بالشتم وعدم الوقوف عندها ونجد في البيضاء رواج عبارة "مامسوقش" في إحالة إلى عدم الإنتباه للشتائم وما يلتف حولها.