أي بُني:
خلِّ ما بينك وبين اللهب التقوى، وخلِّ ما بينك وبين العباد بالحذر، وإن عراكَ فيهم رجاءٌ، فلا تعجل إليهم بحسن الظنِّ واستبطن قلوبهم بالتوكُّل على الله، أما ظاهرهم فخذ منه اليسير اليسير، وإياكَ إياكَ والإغراق في الإحسان إليهم بحسن الظنِّ فيهم، فلعلك تفجع يوماً في واحدٍ أكثرت من الإحسان إليه، فيزهدك في الإحسان إلى من يستحق منك الإحسان، حتى ولو كنت مقيماً عليه، فيذهب عنك الأجر، ولا ينالك من بعد إلا التعب والنصب، وإن أردت أن تريح وتستريح، فتعلَّم أن تدع للآخرين كل ما يريدون منك، ويحملونك عليه من غير أن تنتظر منهم شكوراً أو جزاءً، وإن حدَّثوا أنفسهم أن يصنعوا معك معروفاً، فقل لهم معزِّياً من قبل أن يظهروه: عظَّم الله أجركم.