أخطار غاز الرادون.. إصابة عمال مناجم اليورانيوم والحديد بسرطان الرئة

إن التعرض للإشعاع الذري بمختلف مستوياته أمر غير مرغوب فيه، بعد أن ثبت أن التعرض للجرعات المرتفعة منه له تأثيرات مضرة.

وقد طرأ حديثاً أهتمام ملحوظ حول التعرض للجرعات المنخفضة من الإشعاع الذري الصادر من النظائر الطبيعية المشعة (خاصة اليورانيوم 228 والثوريوم 222 والبوتاسيوم 40) لأن التعرض الخارجي للإشعاع الذري، يشكل حوالي نصف معدل الجرعة السنوية الطبيعية التي يتعرض لها جسم الإنسان من المصادر المختلفة.

وقد وجد أن النظائر الطبيعية المشعة خاصة المذكورة آنفاً موجودة في مواد البناء، وبذلك تشكل هذه المواد جزءاً من الوسط الإشعاعي الذي نعيش فيه.

وبالرغم من اكتشاف الرادون في بداية هذا القرن، فإن علاقته بإصابة عمال المناجم بسرطان الرئة لم تحدد إلا في نهاية الستينات.

ومما لا شك فيه حالياً أن الرادون هو أحد مصادر الإصابة بسرطان الرئة، حيث ثبت ان التعرض الطويل للتركيزات المرتفعة منه يمكن أن يؤدي إلى سرطان الرئة.

وهناك الملايين من المساكن والمباني في العالم التي تحوي تركيزات مرتفعة من هذا الغاز لا يعلم عنها أصحابها.

لذلك تبذل دول العالم المتقدم صناعياً مثل أمريكا وبريطانيا وألمانيا والسويد، جهوداً حثيثه في بلدانها بهدف تحديد المساكن والمباني ذات التركيزات العالية من الرادون ووضع الحلول الفاعلة لمعالجة المشكلة.

إن تقرير مخاطر الإصابة بسرطان الرئة بسبب استنشاق الرادون ومشتقاته، مبنية على دراسة ظهور هذا السرطان في عمال مناجم اليورانيوم في كل من كندا والولايات المتحدة الأمريكية وعمال مناجم الحديد في السويد، وكذلك عمال مناجم اليورانيوم في تشكوسلوفاكيا وفي غيرها من المناجم نظراً لارتفاع تركيزات الرادون فيها.

ولم يكن يعتقد حتى قبل عقدين من الزمان أن الرادون يشكل خطرأً على الصحة في الاماكن الأخرى البعيدة عن المناجم لقلة تركيزه فيها، ولكن اكتشف بعدها أن تركيزات الرادون في بعض البيوت تتفاوت بمقدار مائة ضعف على الأقل تبعاً لتركيبها وموقعها.

وهذا يعني أن التركيزات العالية منه في بعض المساكن مقاربة لتركيزاته في المناجم حيث ثبت تسببه في إحداث سرطان الرئة. واستناداً إلى دراسة حديثة أجريت عام 1996م.

شملت تحليل نتائج ميدانية في كل من كندا والصين وفنلندا والسويد لنحو 4263 من المصابين بسرطان الرئة و6612 من الأصحاء، وجد أن احتمال الإصابة بسرطان الرئة يزداد بمقدار 14 % إذا عاش الإنسان 30 سنة في مسكن يبلغ تركيز الرادون فيه 150 بيكريل /م3 أو أكثر.

وهذه النتيجة مقاربة جداً لما وجد عند عمال المناجم حيث تقدر الخطورة بـ 13 %.

وقد قدرت الهيئة البريطانية الإشعاعية مشاركة غاز الرادون في حوادث الإصابة بسرطان الرئة في المملكة المتحدة بـ 5 %، وهذا يعادل 2000 حالة وفاة سنوياً من مجموع الحالات البالغة 40000 حالة.

أما في السويد، التي تعاني من مشكلة التركيزات العالية للرادون في مساكنها، فتقدر مشاركة الرادون في الإصابة بسرطان الرئة بـ 30 % من عدد الإصابات السنوية البالغة 3000 حالة. في حين أن عدد سكان السويد هو 4,8 مليون فقط.

ومن الغريب في الأمر أن هناك بعض الفئات في الغرب ماتزال تؤمن حتى وقتنا الحاضر بمنفعة غاز الرادون الصحيحة وتعالج أتباعها بوضعهم  في تركيزات عالية منه داخل الكهوف لفترات زمنية معنية.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال