من المؤكد أن في بلاد كثيرة، أناساً كثيرين سيعبرون لو أتيحت لهم الفرصة، عن عواطف مماثلة لتلك التي تحتويها هذه الرسالة المتخيلة.
وكذلك فإن هذا البؤس ليس ببؤس مقصور على الأمريكيين. إنه لا يمكن الخروج منه إلا بإنشاء حضارة للموجة الثالثة على أنقاض مؤسسات الموجة الثانية.
ولابد من إقامة بنى سياسية جديدة "مناسبة، في عدد من البلاد في الوقت نفسه، وهذا مشروع شاق، لكنه ضروري، بل إن حجمه يصيبنا بالدوار، وسيحتاج بلا أدنى شك إلى زمن طويل.
وتبعاً لكل الاحتمالات، لا بد من خوض معركة مديدة لإعادة النظر إعادة كاملة، أو لإلقاء الكونغرس في سلة القمامة، هو واللجان المركزية والمكاتب السياسية للدول الصناعية الشيوعية، والجمعية الوطنية الفرنسية، ومجلس اللوردات، والبوندستاغ، والدييت الياباني، والوزارات الشديدة التضخم، والإدارات المتحصنة بقوة العدد غير القليل من الدول، والدساتير والمكنات القضائية، أي لا بد من تعديل كبير للجهاز الثقيل، المتزايد الصعوبة على التداول لأنظمة الحكم التمثيلية.
إلا أن هذه المعركة لن تقف عند حدود الأمم. وخلال أشهر أو عشرات السنين القادمة، سيكون على مكنة صناعة القوانين الكلية (أوالشاملة) في جملتها- من الأمم المتحدة من جهة أولى، إلى الجمعية المحلية، أو المجلس البلدي، من الجهة الثانية - أن تجابه هجوماً متزايداً "لا يقاوم إلى فرض إعادة التشكيل".
وعلى كل هذه البنى، أن تتغيّر تغيراً أساسياً، لا لأنها سيئة في الجوهر، ولا لأنها خاضعة لرقابة هذه الطبقة أو تلك، ولهذه الفئة أو تلك، ولكن لأنها أقل فأقل إجرائية، ولأنها لم تعد متلائمة مع حاجات عالم تطورّ تطوراً أساسياً.
وحباً بإنشاء نظم للتحكم، متجدّدة وقابلة للبقاء، وبإنجاز ما سيكونُ المهمة الأساسية والعظمى أهمية لجيلنا- فإنه سيكون من الضروري أن نقذف إلى البحر بكل المحنطات المتراكمة التابعة للموجة الثانية، وأن نعيد التفكير بالحياة تبعاً لثلاثة مبادئ أساسية، وهي مبادئ ربما بدت وكأنها أحجار الزاوية الثلاث لحكومات الموجة الثالثة.
التسميات
موجة ثالثة