أزقة المدينة المنورة وشوراعها.. زقاق البقر، الخياطين، الحبس، عنقيني، السماهيدي، البذور، الأغوات

المدينة مبنية في وسط واد شاسع يمتد إلى الجنوب، وأغلب مبانيها من الحجر المجلوب إليها من المحاجر القريبة منها. وشكل الأبنية فيها شبيه لأبنية مكة، لو لا أن منازلها أصغر، وشوارعها أضيق، وخصوصاً ما كان من حول الحرم الشريف.
وأغلب حارات المدينة كانوا يسمونها لضيقتها أزقة: منها في شمال الحرم، زقاق البقر، وزقاق الخياطين، وزقاق الحبس، وزقاق عنقيني، وزقاق السماهيدي، وزقاق البذور، وزقاق الأغوات، وفي جنوبه زقاق ياهو، وزقاق الكبريت، وزقاق القماشين، وزقاق حيدر، وزقاق الحجامين، وزقاق مالك بن أنس.
وعلى كل حال فحارات المدينة نظيفة وضيقها يساعد كثيراً على تلطيف الحرارة فيها زمن الصيف، كما هو الشأن في أغلب بلاد الشرق. وكان سوق المدينة يبتدىء من الباب المصري إلى الحرم الشريف في شارع ضيق طوله 500 متر تقريبا يقطعه على المارة تقابل جملين فيه مع بعضهما والحركة فيه تكاد تنحصر في مدة الحج والموسم الرجبي وهو موسم الزيارة الرسمية في بلاد العرب. وتجارة المدينة مدارها على وارداتها الخارجية، لا سيما واردات جاوة والهند والشام، وعلى الخصوص في الأقمشة القطنية والصوفية والحريرية والسبح والليف الأبيض والحناء والبسط والسجاجيد والحنابل(الأكلمة) العجمية والهندية والمغربية والتركية، وأثمانها أغلى منها في مكة بل وفي مصر، وإنما ابتياع الحجاج لها على سبيل البركة وسهولة الصرف في هذه الجهات وتجارة البلح فيها هي أكبر التجارات وأوسعها لأن ضواحيها فيها كثير من البساتين وفيها نخيل كثيرة تنتج نحو سبعين صنفاً من التمر وأحسنها البلح العنبري، ثم الجلبي، ثم السكري وهو أكثرها حلاوة، ثم بلح السبح، ويكثر نخله في جهة الخيف بين المدينة والحمراء.
وكان في المدينة سابقاً مكتبات كثيرة أحسنها مكتبة شيخ الإسلام عارف حكمت، وهي قريبة من باب جبريل إلى جهة القبلة، وهذه المكتبة آية في نظافة مكانها وحسن تنسيقها، وترتيب كتبها وأرضها المفروشة بالسجاد العجمي الفاخر. وفي باب السلام مكتبة للسلطان محمود ومقدار الكتب التي فيها 4569 كتاباً وهي وإن كانت أصغر من مكتبة عارف وأقل منها نظاماً إلا أنها جميلة ومرتبة. وفيها مكتبة للسلطان عبد الحميد الأول بها 1659 كتاباً، وفيها أيضاً مكتبة بشير أغا، في زقاق الخياطين، بها 2603 كتاباً ويقدر مجموع هذه الكتب بثلاثين ألف كتاب من الكتب النادرة المثال.
وكان في المدينة حمامان تركيان أحدهما داخل المدينة وهو من عمل السلطان سليمان القانوني والثاني بالمناخة. وفيها 5 تكايا أهمها التكية المصرية. والباقي يسمونها رباطات. وللمدينة المنورة حرم مثل حرم مكة كان يبلغ قطر دائرته قبل التوسيعات الحديثة في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك فهد وسلفه الراحل الملك خالد نحو كيلومترين.

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال