المسرح التسجيلي الوثائقي.. التحرر من كثير من القيود الدرامية خاصة التقّيد بضيق المكان لأن بإمكانه توسيع رقعة الأحداث



المسرح التسجيلي الوثائقي:
هذا اللون يتحرر من كثير من القيود الدرامية خاصة التقّيد بضيق المكان لأن بإمكانه توسيع رقعة الأحداث ومن أمثلة هذا اللون مسرحية (ألفريد فرج – النار والزيتون) التي تناولت نكسة 67 م.

يقوم هذا المسرح على عدة مرتكزات أو عناصر في بناء المسرحية الفكري- كالنظرة إلى التاريخ والنظرة إلى الزمن وتداخله والنظرة إلى المجموع وإلى الفرد داخل المجموع.‏‏

أما من الناحية التكنيكية فقد اعتمد نقاطاً تقنية في عرض الفكرة المسرحية وإخراجها أهمها: استخدام الأفلام والوثائق وأسلوب المسرح داخل المسرح بحيث يتشابه الشكل مع المسرح البريختي إلى حد كبير، إلا أن كتاب المسرح التسجيلي استخدموا هذه الوسائل استخداماً متميزاً.. فبينما استخدم كتاب المسرح الملحمي هذه الوسائل بهدف شرح وجهة نظر معينة أو تعميق موقف خاص أو تأكيد أثر معين، فإن كتاب المسرح التسجيلي حولوا هذه الوسائل إلى جزء لا يتجزأ من نسيج العمل المسرحي.‏‏

يهدف المسرح التسجيلي إلى تسجيل الوقائع بدقة ويمكن أن يخلق هذا الأسلوب مشكلات عديدة للكاتب المسرحي التسجيلي. فتسجيل الواقعة كما هي لايمكن أن يمر من خلال متطلبات المسرحية الفنية والفكرية المعاصرة، من دون عقبات أو موازنات صعبة، وربما حرجة.‏‏

قدم الكتاب التسجيليون حلاً لهذا أولاً: اللجوء قدر الإمكان إلى اختصار (الحوار)، وجعل (الصورة) الرمز هي الأساس في عملية التأثير المسرحي.‏‏

ثانياً: اتخاذهم لغة خاصة غير واقعية يقدمون بها الأحداث باللغة الواقعية حتى لنرى (بيتر فايس) يكتب مسرحيته الأخيرة (التحقيق) شعراً وكان سبق له أن كتب مسرحية شعرية كتب لها نجاح كبير وهي (مسرحية اضطهاد واغتيال مارا).‏‏

هذه المسرحية هي واحدة من أهم مسرحياته التي عرض فيها أفكاره الفنية والفكرية بوضوح. وتناقش هذه المسرحية موضوع الثورة الفرنسية مستلهمة أحداثها من نصوص التاريخ الفرنسي وحقائقه، حيث تتناول الثورة كقيمة وهدف ونتائج.‏‏

إن (دي صاد) عنوان مختصر للمسرحية ليست هي الشخصية البورجوازية إنما تناقش الثورة الفرنسية ضمن تصوراتها في المجالات الاجتماعية والاقتصادية والروحية مضيفاً لها «فايس» ملامح درامية للضرورة المسرحية، كما أن مارا بطل المسرحية ليس هنا كما صوره التاريخ الفرنسي إبان الثورة - المتعطش للدماء- إنما هو «مارا» الذي يجب أن نراه (كأحد مفكري ودعاة الاشتراكية) فهو يبرزه كثوري حقيقي وسط أشخاص نفعيين.. وهو الشهيد الذي سيقتل أخيراً.‏‏

ويعتبر الشاعر والمترجم المسرحي (مصر) الدكتور يسرى خميس أول من قدم المسرح التسجيلي في العالم العربي من خلال ترجمته لمسرحية بيتر فايس مارا صاد.‏‏

يقول بيتر فايس نفسه عن المسرح التسجيلي إنه: مسرح تقريري ، فالسجلات والمحاضر والرسائل والبيانات الإحصائية ونشرات البورصات والتقارير السنوية للبنوك، والبيانات الحكومية الرسمية، والخطب والمقابلات والتصريحات التي تدلي بها الشخصيات المعروفة والريبورتاجات الصحفية والإذاعية والصور والأفلام والشواهد الأخرى للعصر الحاضر هي التي تكون أساس العرض، فالمسرح التسجيلي يستوعب كل اكتشاف وكل مادة موثوقة، ثم نعكسها مرة ثانية على المسرح، بعد التعديلات على الشكل دون تغيير في المحتوى.‏‏

وفي إحدى التعريفات للمسرح التسجيلي:‏‏
إن المسرح التسجيلي في الأساس هو مسرح تحريضي، فالتحريض هو عاموده الفقري نحو تكوين رأي عام حول قضية سياسية تشمل ظاهرة تاريخية، بدءاً من أسلوب عرض القضية، ثم تفنيدها مع ضرورة توليد العرض والتفنيد بشواهد ووثائق وأدلة وقرائن ثبوتية في إطار مسرحي..