في مقدمة الاتجاهات النقدية ونظريات الأدب التي تتعارض مواقعها مع مواقع المدرسة الفرنسية التقليدية في الأدب المقارن ومع دراسات التأثير والتأثر: الاتجاه الماركسي أو نظرية الأدب الماركسية، تلك النظرية التي تسمّى أحياناً "مادية" وأحياناً "جدلية" أو "ديالكتيكية".
فمن المعروف أنّ الفلسفة الماركسية، باعتبارها فلسفة مادية ديالكتيكية تاريخية، قد انتقدت الفلسفة الوضعية ورفضتها بشدة، وعدّتها اتجاهاً فلسفياً بورجوازياً.
ولا عجب في ذلك، فالماركسية هي وريثة فلسفة هيجل الجدلية، وهي فلسفة تملك نظرة شمولية إلى الكون والمجتمع والثقافة والأدب.
وهي ترى أنّ التطور التاريخي ليس عشوائياً، بل هناك قوانين وقواعد تتحكم فيه وتوجهه، وعلى رأس تلك القوانين قانون الصراع الطبقي.
فالتاريخ من وجهة نظر ماركسية ليس تكراراً للماضي، بل حركة موجهة، حركة تجاوز وانتقال مما هو قائم إلى مرحلة أعلى وأرقى من مراحل التطور الناجم عن قوانين الجدل أو الديالكتيك.
وتقول النظرية الماركسية بوجود علاقة جدلية بين القاعدة المادية أو البناء التحتي للمجتمع، وبين البناء الفوقي الذي تشكّل الثقافة والأدب أهمّ مكوّناته.
وفي نظرتها إلى العلاقة بين البناء التحتي والبناء الفوقي، أي بين المجتمع والثقافة، ترجّح النظرية الماركسية كفّة الطرف الأول، أي البناء التحتي والمجتمع، وترى فيه الطرف الرئيس في المعادلة الجدلية.
فالوجود المادي يحدد الوعي الاجتماعي، والبناء التحتي يتحكم في البناء الفوقي، أي في الثقافة والأدب، ويوجّه مسارهما.
صحيح أنّ البناء الفوقي يؤثر في البناء التحتي، ولكنه يتأثر به بدرجة أكبر، ويظل البناء التحتي الطرف الرئيس في العلاقة الجدلية بين البناءين.
التسميات
أدب مقارن