مكاسب الدراسات السردية العربية.. تلفيق نموذج تحليلي من نماذج أنتجتها سياقات ثقافية أخرى. اشتقاق نموذج من سياق ثقافي بعينه دون إهمال العناصر المشتركة بين الآداب الإنسانية الأخرى



مكاسب الدراسات السردية العربية:

إن الخلفية الثقافية والنظرية التي أوردنا طرفا منها في الفقرة السابقة كانت معلومة ومجهولة لكثير من الذين انخرطوا في الدراسات السردية.
كانت معلومة بتفاصيلها وقيمتها لقلة قليلة منهم، ومجهولة للأغلبية، ولا أقصد بذلك حكما ينتقص السرديين العرب، إنما لا بد من تمثل مكاسب نظريات النقد الحديثة قبل الانتقال إلى الممارسة النقدية الفاعلة، وإنتاج معرفة جديدة، فالنقد ممارسة فكرية منظمة ومنتجة ينبغي ألا تترك للأهواء والانطباعات، وكأن العالم لم يشهد تراكما عظيما من المعارف والثقافات.

الخلفية النظرية للسردية:

وقد أسهم نقاد عرب في التعريف بالخلفية النظرية للسردية، وبالإجمال توافرت مادة مترجمة أو مكتوبة بالعربية مباشرة مكنت النقاد من الاطلاع على التطورات الحاصلة في هذا الميدان.
وعلى الرغم من ذلك لم تكن الحصيلة مُرضية بما يوافق الاهتمام الذي بذل في هذا المجال، فكثير من المفاهيم الجديدة أقحمت في غير سياقاتها، وفي حالات كثيرة وقع تعسّف ظاهر في تطبيق نماذج تحليلية اشتقت من نصوص أجنبية بالفرنسية أو الإنجليزية على نصوص عربية من دون الانتباه إلى مخاطر التعميم.

عرض مفاهيم السردية:

واستعيرت طرائق جاهزة عُدّت أنظمة تحليلية ثابتة وكلية لا تتغير بتغير النصوص وسياقاتها الثقافية.
ومن الطبيعي أن يرتسم في الأفق تكلّف لا يخفى؛ إذ تنطع للنقد أفراد أرادوا إبراز قدرتهم على عرض مفاهيم السردية، وليس توظيفها في تحليل نقدي جديد.
وكل هذا جعل تلك الجهود تحوم حول النصوص، ولا تتجرأ على ملامستها.
ويمكن تفسير كثير من تلك العثرات على أنها نتاج الانبهار بالجديد، وادعاء الاقتران به، وتبنّي مقولاته، دون استيعابه، وهضمه، ودون تمثل النظام الفكري الحامل له.