جاك لينهارت وقراءة للرواية.. السيرورة الخطابية تعبّر عن المعنى بصفة موحدة، أي أنها تعتمد على القيمة الاستعمالية



إذا كان غولدمان قد تتلمذ على (لوكاش)، فإن (جاك لينهارت) J. Lenhardt قد تتلمذ على (لوسيان غولدمان)، على الرغم من أن تلمذته له لم تمنعه من نقده: فصرامة التحليل الغولدماني للتناظر بين بنية الشكل الروائي وبنية المجتمع الأوربي المنتج من أجل السوق قد حجبت عنه اعتبار (الكتابة)، مفهوماً جوهرياً من مفاهيم السوسيولوجيا الأدبية.

ونتيجة لذلك فقد اعتبر (غولدمان) وصف الأشياء في (الرواية الجديدة) الفرنسية هي نتيجة تحوّل اجتماعي، وليس نتيجة تحوّل أدبي يطرح مشكل الكتابة الروائية التقليدية ويعمل على قطع صلته بها.

وفي هذا الصدد يمكن اعتبار كتاب لينهارت (قراءة سياسية للرواية: الغيرة لغرييه) 1973 تدعيماً لمنهج غولدمان، وفي نفس الوقت مساهمة في تطويره ونقد مفاهيمه.

وإن اختفاء الشخصية في الرواية هو نظير لاختفاء دور الفرد في المجتمع الرأسمالي المؤلل والقائم على التنظيم، بينما تزداد أهمية (الأشياء) من خلال توثين السلعة.

ويقتبس (لينهارت)، على مستوى اللغة، ما قاله (غولدمان) عن مشكل القيم في المجتمع المنتج من أجل السوق فيلاحظ أن العلاقة اليومية للناس باللغة تعتمد على مسلّمة أن السيرورة الخطابية تعبّر عن المعنى بصفة موحدة، أي أنها تعتمد على القيمة الاستعمالية.

إن تاريخ الشكل الروائي يتطور على أصعدة مختلفة، وإن الرواية تندّد بالوعي البورجوازي كوعي شقي، لكنها لم تتجاوزه.

وإذا كان (غولدمان) قد فرّق، منذ حقبة (البطل الإشكالي)، بين قطعين كبيرين: الأول شاهد ظهور شكل روائي (شكل المحتوى) حيث تركت مقولة السيرة الفردية المجال لانحلال الشخصية الذي تعتبر أعمال جويس وكافكا وميزيل أمثلة نابهة عليه.

والقطع الثاني يتدخل في وقت تتلاشى فيه هذه الدعائم الخارجية للبورجوازية الفردية، وحيث احتّل مكانه خلال الخمسينات، الجيل الرابع من الروايات التي يظهر فيها البطل كأثر من آثار البنية، مختفياً باعتباره بطلاً.

وهو ما عبّر عنه لينهارت بوساطة مفهوم الانزياح عن المركز.
وقد حلل لينهارت رواية (الغيرة) لآلان روب غرييه انطلاقاً من أربعة أسئلة حدّد من خلالها أربعة أصعدة للتحليل، هي:

1- هل تقدم (الغيرة) بنية دالة متماسكة؟
وهل تحدّد هذه البنية الروائية المعنية فقط أم عموم أعمال روب غرييه؟

2- هل يمكن أن تدرج البنية الدالة المتركزة على (الغيرة) في إطار تيار إيديولوجي أعم مثل تيّار (الرواية الجديدة)؟

3- إذا كانت تلك البنية الإيديولوجية موجودة فهل لها علاقات وظيفية بطبقة اجتماعية أو بفئة اجتماعية.

4- هذه الطبقة أو الفئة الاجتماعية هل تمثل مكاناً مدركاً في البنية الشاملة للمجتمع الفرنسي؟