تعدّ اللغة العربية أهم مقومات الثقافة العربية الإسلامية، وهي أكثر اللغات الإنسانية ارتباطاً بعقيدة الأمة، وهويتها، وشخصيتها.
لذلك صمدت أكثر من سبعة عشر قرناً سجلاً أميناً لحضارة أمتها، وازدهارها، وشاهداً على إبداع أبنائها، وهم يقودون ركب الحضارة التي سادت الأرض حوالي تسعة قرون.(1)
أما الأمريكي (وليم ورل) فيقول: "إن اللغة العربية من اللين, والمرونة، مايمكنها من التكيّف وفق مقتضيات هذا العصر، وهي لم تتقهقر فيما مضى أمام أية لغة أخرى، من اللغات التي احتكّت بها. وستحافظ على كيانها في المستقبل، كما حافظت عليه في الماضي (أنور الجندي- اللغة العربية بين حماتها وخصومها- مطبعة الرسالة ص28- القاهرة).
ويرى المستشرق الايطالي (جويدي) "إن اللغة العربية الشريفة آية للتعبير عن الأفكار، فحروفها تميّزت بانفرادها بحروف لا توجد في اللغات الأخرى, كالضاد والظاء والعين والغين والحاء والطاء والقاف، وبثبات الحروف العربية الأصيلة، وبحركة البناء في الحرف الواحد بين المعنيين, وبالعلاقة بين الحرف والمعنى الذي يشير إليه.
أما مفرداتها فتميّزت بالمعنى, والاتساع، والتكاثر، والتوالد، وبمنطقيتها(منطقية في قوالبها)، ودقة تعبيرها، من حيث الدقة في الدلالة والايجاز, ودقة التعبيرعن المعاني.(2)
لذلك قال الايطاليون: إن لغة العرب تمتاز بجمالها، وموسيقاها، والتفاضل بين اللغات يكون في كثرة إنتاجها الأدبي والفكري لا في عدد ألفاظها.
والعالم الألماني (فرينباغ) يشير إلى غنى اللغة العربية في قوله: "ليست لغة العرب أغنى لغات العالم فحسب، بل الذين نبغوا في التأليف بها لا يمكن حصرهم، وإن اختلافنا عنهم في الزمان، والسجايا، والأخلاق، أقام بيننا نحن الغرباءعن العربية، وبين ما ألفوه، حجاباً لا نتبيّن ماوراءه إلا بصعوبة" (أنور الجندي/اللغة العربية بين حماتها وخصومها – مطبعة الرسالة- القاهرة- ص28).
أما الفرنسيون فيقولون عن العرب: "إن لغتهم تمتاز بالوضوح".(3)
ممّا سبق نرى بأنّ مايميز اللغة العربية من اللغات الأخرى، قدرتها الفائقة على الاشتقاق، وتوليد المعاني، والألفاظ، وقدرتها على التعريب، واحتواء الألفاظ من اللغات الأخرى، إلى جانب غزارة صيغها، وكثرة أوزانها.
وهذه السعة في المفردات والتراكيب، أكسبتها السعة والقدرة على التعبير بدقة ووضوح.
قال حافظ إبراهيم في اللغة العربية (أم اللغات):
وَسِعْتُ كتابَ الله لفظاً وحكمةً
وما ضِقْتُ عن آيٍ به وعظاتِ
فكيف أَضيق اليومَ عن وصفِ آلة
وتنسيقِ أسماءَ لمخترعاتِ
أنا البحرُ في أحشائِهِ الدُّرُ كامنٌ
فهل سألُوا الغواصَ عن صَدَفاتي؟
وهنا أيضاً تصدق مقولة العلماء: "إن اللغة كائن حي وكل كائن حي يخضع لقوانين الحياة ومنها: التطور، والصراع، والتحدي، والتنافس، وتختم الحياة نواميسها بمقولة: "يظل البقاء للأصلح والأقوى".(4)
(1) د. مدكور، أحمد علي (التربية وثقافة التكنولوجيا)-القاهرة / مصر- ص(182).
(2) أ. د. السيد، محمود (طرائق تدريس اللغة العربية)- دمشق 1988- ص (2002-203-208-209).
(3) د. حسين، محمود كامل (اللغة العربية المعاصرة)- ص(58).
(4) د. خليفة، عبد الكريم (عالمية اللغة العربية ومكانتها بين لغات االعالم)- ص (2-4-5).
التسميات
لغتنا