حماية اللغة العربية والدفاع عن مقومات الشخصية العربية وتحقيق الأمن الثقافي والحضاري والفكري للأمة الإسلامية

إن الحفاظ على اللغة العربية وحمايتها، والعمل على انتشارها، والتمكين لها في أوساط المجتمعات العربية، ليس عملاً تعليمياً تربوياً، أو نشاطاً ثقافياً أدبياً، أو وظيفة من وظائف وزارات التربية والتعليم، والمؤسسات، والهيئات، والمنظمات المختصة فحسب، ولكنه عمل من صميم الدفاع عن مقومات الشخصية العربية، والذود عن مكونات الكيان العربي الإسلامي، وعن خصوصيات المجتمعات العربية الإسلامية، وعن الركيزة الأولى للثقافة العربية وللحضارة العربية الإسلامية.

وعمل في هذا المستوى وبهذا القدر من الأهمية، يدخل ضمن خطة بناء المستقبل ورسم معالمه، فاللغة العربية ركن أساسي من أركان الأمن الثقافي والحضاري والفكري للأمة الإسلامية في حاضرها وفي مستقبلها، هي القاعدة المتينة للسيادة الوطنية التي تحرص عليها كل دولة من دول المجموعة العربية الإسلامية.

وإذا ذهبنا إلى الواقع اللغوي الراهن في الوطن العربي، نجد بأنه ليس هناك بقعة في العالم المعاصر تشبه البقعة العربية في غناها اللغوي، وتنوعها الحضاري والثقافي.

ومن يدقّق في الواقع اللغوي الراهن، يجد فيه استمراراً للواقع اللغوي، التاريخي، الذي كان سائداً من فترة تكوّن اللغة العربية الموحّدة في شبه الجزيرة العربية، التي اصطلح على تسميتها بالفصحى إلى جانب لهجات القبائل، فمازالت الازدواجية اللغوية على حالها، ومازال هناك لغتان أو مستويان لغويان يتميزان من بعضهما بوضوح:

- فالمستوى الأول: هو المستوى الرسمي الذي تمثله اللغة العربية الفصحى بقواعدها المعروفة، في الأصوات، والنحو، والصرف، ويستخدم في التعامل الرسمي، والتعليم، والبحث العلمي، والكتابات الأدبية، والمحاضرات العلمية، والثقافية، والعبادات والإعلام....الخ.

- أما المستوى الثاني: فهو المستوى الذي نستخدمه في حياتنا اليومية، خارج نطاق التعامل الرسمي، ونستخدم فيه لهجتنا المحلية التي تعلمناها في البيت أو الشارع، وفي هذا المستوى تتمّ جميع عمليات التفاهم والتعامل الشفهي، وهو الذي يطلق عليه اسم اللغة المحكية أو المنطوقة.(1)

(1) د. يوسف، ظافر (اللهجات العربية المحكية وتحديات العولمة) المؤتمر السنوي الخامس/ مجمع اللغة العربية بدمشق/ اللغة العربية في عصر المعلوماتية 20-24 تشرين الثاني 2006- ص(3-4).

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال