أصبحت اللغة العربية، اللغة العالمية الأولى في مختلف العلوم والفنون، في عصر ازدهار الحضارة العربية الإسلامية، منذ القرن الثالث الهجري، وإن عالميتها ظهرت واضحة عندما كانت البعثات العلمية في مختلف الأقطار الأوروبية تؤم مراكز الإشعاع الثقافي، في قرطبة، وإشبيلية، وغرناطة، وفارس وبجاية، وتلمسان، والقيروان، وغيرها من مراكز العلم، للدراسة في مختلف العلوم والفنون باللغة العربية؛ لغة التدريس والبحث، ولغة المصادر العلميّة.
ونشأت مراكز مختصّة لدراسة اللغة العربية وتعليمها، في مراكز علميّة في باريس، وأكسفورد، وروما.
وقد تركت آثارها الواضحة في مختلف الجوانب اللغوية والحضارية في العالم، حتى العصر الحاضر، فكثير من المصطلحات وجدت طريقها إلى اللغة الانجليزية.
وإن دخول الأرقام العربية المغربية إلى أوروبا، يعد إسهاماً علمياً أصيلاً في النهضة الأوروبية الحديثة.
فاللغة العربية والحروف العربية، باتت تحتل في نظر جماهير هذه الشعوب مكانة الاحترام والقداسة، فأصبحت هذه العالمية تنفرد بها هذه اللغة من بين جميع لغات الأمم الأخرى، حيث أصبحت لغة الثقافة، والإدارة، والتجارة، والمراسلات، ووسيلة الاتصالات الدولية.(1)
وفي مقال نشره فرجسون، بدائرة المعارف البريطانية،عن اللغة العربية قال: "إن اللغة العربية سواء بالنسبة إلى عدد الناطقين بها، أو إلى مدى تأثيرها، تعتبر إلى حد بعيد أعظم اللغات السامية جمعاء، كما ينبغي أن ينظر إليها كإحدى اللغات العظمى في عالم اليوم" (Ferguson,C.Aarabic language encyclopedie) britanico.2/1971/p.p(182-183.
ويتجلى صدق هذه العبارة، إذا نظرنا إليها استراتيجياً، ودينياً، وتاريخياً، ولغوياً.
أما لغوياً، فإنها بما تتمتع به من مزايا، وما تنفرد به من خصائص, سواء في المفردات أو في التراكيب، أو في القدرة على التعبير عن المعاني، واستيفائها، أومن حيث تأثيرها في لغات أخرى كثيرة، تستحق بكل المعايير أن تكون لغة عظيمة تستحثّ على تعليمها وتعلّمها.
أما لغوياً، فإنها بما تتمتع به من مزايا، وما تنفرد به من خصائص, سواء في المفردات أو في التراكيب، أو في القدرة على التعبير عن المعاني، واستيفائها، أومن حيث تأثيرها في لغات أخرى كثيرة، تستحق بكل المعايير أن تكون لغة عظيمة تستحثّ على تعليمها وتعلّمها.
قال رافائيل بتي في كتابه عن اللغة: "إنني أشهد من خبرتي الذاتية، أنه ليس أثمن من بين اللغات التي أعرفها، لغة تكاد تقرب من العربية، سواء في طاقتها البيانية، أو في قدرتها على أن تخترق مستويات الفهم والإدراك، وأن تنفذ بشكل مباشر إلى المشاعر والأحاسيس، تاركة أعمق الأثر فيها، وفي هذا الصدد فليس للعربية أن تقارن إلاّ بالموسيقى". (atai,R:the arab mind N.Y.charles scribner-sons,1976).(2)
يقول ابن تيمية شيخ الإسلام:" إن اللغة العربية من الدين, ومعرفتها فرض، فإنّ فهم الكتاب والسنة فرض، ولايفهم إلا باللغة العربية، ومالايتم الواجب إليه به فهو واجب" (مجلة الأمة ع6- ص74).(3)
إذاً لموقع اللغة العربية في التعليم أهمية كبيرة, فاختيار محتوى مناهجها في مراحل التعليم العام, وتوزيعه على الفروع في كل مرحلة، ووضع الأهداف والتوجيهات الخاصة به، لذلك كله دلالات متعددة: منها مايتصل بالقيم والمثل التي تريد الدولة أن تنشئ أبناءها عليها، ومنها ما يتصل بفلسفة التربية فيها، لأنها إنّما تستمدها من هذه القيم والمثل، ثمّ مايتصل بطبيعة المادة، ومايمكن أن تسهم به في بناء الحياة الفردية والاجتماعية بالدولة.(4)
وهكذا وبسبب انتشارها، وعالميتها، وخصوصيتها، قرّرت الجمعية العامة للأمم المتحدة في جلستها العامة رقم (2006)، بتاريخ 18 كانون الأول/ديسمبر عام1973 ما يأتي: "إدخال اللغة العربية ضمن اللغات الرسمية، لغات العمل المقررة في الجمعية العامة، ولجانها الرئيسة".
إذاً لايخفى علينا أنّ هذا النسيج الإنساني لعالمية اللغة العربية، جاء من خصائصها الذاتية، ومن ترابطها الأبدي بالقرآن الكريم، وحملها الدعوة الإسلامية إلى شعوب العالم كافة، دون تمييز في الجنس أو اللون، أو اللغة.(5)
(1) د. خليفة، عبد الكريم (عالمية اللغة العربية ومكانتها بين لغات العالم) مجمع اللغة العربية- دمشق-2003- ص (5-6-8-12-20-21).
(2) د.خاطر، محمود شكري (طرق تدريس اللغة العربية والتربية الدينية في ضوء الاتجاهات التربوية الحديثة) دار المعرفة/ القاهرة 1981- الفصل12- ص (307–308).
(3) د.معروف، نايف (خصائص اللغة) - ص (32-33).
(4) د.خاطر، محمود شكري (طرق تدريس اللغة العربية والتربية الدينية في ضوء الاتجاهات التربوية الحديثة) - الفصل الثالث- ص(37).
(5) د. خليفة، عبد الكريم (عالمية اللغة العربية ومكانتها بين لغات العالم) مجمع اللغة العربية- دمشق - 2003 – ص (20-21).
التسميات
لغتنا