الميتامسرح ظاهرة ميتانصية.. عملية إدماج للبعد النقدي داخل العمل الإبداعي والدفع إلى إعادة النظر في التقليد الذي دأب على إقامة تمييز صارم بين عالمي النقد والإبداع

حدد جيرار جينيت Gérard Genette  موضوع الشعرية في كتابه "طروس Palimpsestes" في ما سماه بالعبر- نصية Transtextualité.

وقد ميز فيها بين خمسة أنماط هي: التناص Intertextualité والنص الموازي Paratexte والتعالي النصيHypertextualité وجامع  النص Architextualité، بالإضافة إلى الميتانصية Métatextualité.

وما دام كل نمط ينبني على علاقة نصية محددة، فإن الميتانصية هي، ببساطة، علاقة " تعليق " تجمع نصا بنص آخر يتحدث عنه دون أن يحيل عليه، أو إن الميتا نصية هي عملية إدماج للبعد النقدي داخل العمل الإبداعي. لذا، فإنها تدفع إلى إعادة النظر في التقليد الذي دأب على إقامة تمييز صارم بين عالمي النقد والإبداع.

ويبدو أن المصطلح الذي اختاره جينيت للتعبير عن هذا التداخل يفي بالغرض، لاسيما وأن الدلالة المتصلة بأداة التصدير "ميتا" تعبر عن عمليتين نقديتن متزامنتين هما: التضمين والتجاوز.

يقول أحد الدارسين في هذا الصدد: "ميتا - إيتيمولوجيا - هي "ما يتضمن" وانطلاقا من هذا التحليل، يمكن القول إن علاقة الميتامسرح بالميتانص هي علاقة الخاص بالعام، لأن هذا الإجراء الميتانصي يطال مختلف الأجناس الأدبية شعرا كانت، أو رواية، أو مسرحا.

ولعل هذا الاقتران بالأجناس هو الذي أدى إلى نحت مصطلحات كفيلة بالتعبير عنه في النقد المعاصر.
لذا، فلا عجب أن نجد الأوساط الأدبية تتداول مصطلحات من قبيل: الميتاشعر، الميتارواية والميتامسرح.
إن هذه المصطلحات تؤكد أن التداخل والانصهار بين الإبداعي  والنقدي ظاهرة عامة في كل الأجناس.

إلا أن ما تجدر الإشارة إليه هو أن هذا التداخل خضع عبر تاريخ الممارسة الإبداعية  لتوجهين:
- أحدهما عفوي غير خاضع بالضرورة لوعي بآليات الظاهرة وأبعادها.
- ثانيهما واع يترجم اختيارا جماليا  وفكريا تحكمه خلفية نظرية يمكن نعتها بالحداثة  الأدبية والنقدية.

لذا، فلا مناص للباحث  في هذه الظاهرة الميتانصية في علاقتها بمختلف الأجناس، من استحضار التمييز بين هذين التوجهين حتى لا يخلط بين الإجراءات التي انبثقت بعفوية عن الإبداع، والإجراءات التي تحولت إلى اختيارات أدبية محكومة بسياقات ثقافية محددة المعالم.

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال