استمرارية التربية الإسلامية واعتمادها مبدأ التدرج.. تعليم الطفل الموضوعات الصعبة يؤدي إلى ارتباكه وتنفيره من العلم



التربية الإسلامية مستمرة:
يحتاج المسلم إلى التربية الإسلامية من المهد إلى اللحد حاجته إلى الطعام والشراب، فهي ليست محدودة بفترة زمنية، ولا تنتهي بمراحل دراسية معينة، والإنسان مهما تعلَّم وتطوَّر ووصل إلى مراتب علمية يبقى يتعلم ويحتاج إلى التربية الإسلامية، قال تعالى: {..وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً} (85) سورة الإسراء.

 وقال تعالى:{ فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ وَلَا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِن قَبْلِ أَن يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا} (114) سورة طـه.

ولاشك أن الشريعة الإسلامية صالحة لكل زمان ومكان والتربية الإسلامية جزء منها مناسبة لكل زمان ومكان، وبالتالي فهي مستمرة ومتتابعة لا تتوقف أبدا ،والإنسان محتاج إليها في كل مراحل حياته.

قد يستغني الإنسان أحيانا عن دراسة بعض العلوم لأنه تخصص في مجال من المجالات فالذي تخصص في الآداب مثلا قد يستغني عن الرياضيات والفيزياء وتكون معلوماته فيها محدودة، والعكس كذلك فقد يستغني المتخصص في المجالات العلمية عن التاريخ أو الفلسفة، ولكن الجميع لا يمكن أن يستغنوا عن دينهم ولا أن يستغنوا عن التربية الإسلامية.

التربية الإسلامية تربية متدرجة:
نزل القرآن الكريم على رسول الله e منجما مفرقا على مدار ثلاث وعشرين سنة ولم ينزل دفعة واحدة، بل نزل حسب الأحداث والوقائع، يعالج المشاكل ويضع لها الحلول المناسبة كلما وقعت، وتدرجت تربية القرآن الكريم للأمة فلم يطالب الناس بكل الأحكام الشرعية دفعة واحدة، فكان التدرج في فرض الجهاد، وتحريم الخمر، وفرضت العبادات على مراحل ولم تفرض مرة واحدة، فكانت الصلاة في السنة العاشرة للبعثة في رحلة الإسراء والمعراج،وكان الصوم في السنة الثانية للهجرة بينما تأخر الحج إلى السنة التاسعة ..وهكذا.

ويرى الإمام الغزالي أن أول واجبات المربي أن يعلم الطفل ما يسهل عليه فهمه، لأن الموضوعات الصعبة تؤدي إلى ارتباكه وتنفيره من العلم[8].

ونادى ابن خلدون بضرورة التدرج في تعليم الصبيان ومراعاة قدراتهم،ويرى أن يكون التعليم في المرحلة الأولى إجمالا وفي الثانية تفصيلا،وفي الثالثة تعميقا بدراسة ما استشكل في العلوم ووسائل الخلف فيه.[9]

[8]- أبو حامد الغزالي، الإحياء، مرجع سابق ج1، ص (57).
[9]- ابن خلدون، المقدمة، مرجع سابق، ص (410).


ليست هناك تعليقات