إظهار شكر الله على هبة الأولاد بالذبح عنهم والاحتفاء بهم.. القربان والشكران والفداء والصدقة وإطعام الطعام عند حوادث السرور العظام



إظهار شكر الله على هبة الأولاد بالذبح عنهم والاحتفاء بهم:

جرت عادة الناس أن يحتفوا بالضيف، وكلما كان أكرم عندهم وأحب إليهم، زادوا في إكرامه، وهي سنة قديمة، ظهرت في كرم إبراهيم عليه السلام حين قدَّم عجله المحنوذ السمين لضيفه.

كما قال تعالى: (هل أتاك حديث ضيف إبراهيم المكرمين، إذ دخلوا عليه فقالوا سلاما، قال سلام قوم منكرون فراغ إلى أهلة فجاء بعجل سمين، فقربه إليهم قال ألا تأكلون) [الذاريات: 24ـ27].
وقال تعالى: (ولقد جاءت رسلنا إبراهيم بالبشرى قالوا سلاماً قال سلام، فما لبث أن جاء بعجل حنيذ) [هود:69].

إكرام الطفل  باعتباره ضيفا:

وجاء في نصوص كثيرة، الحث على إكرام الضيف، بل منها ما دل على وجوب الضيافة، وما زال الناس يثنون على الكريم المضياف  [راجع كتابنا: الإسلام وضرورات الحياة، الفصل الخامس  ـ المبحث السابع: المثال الخامس: حق الضيافة].

وإن هذا الطفل الذي مر برحلة طويلة في عالم الرحم، في ظلمات ثلاث لا يرى نور الشمس، ولا يرى أمه، وهو في بطنها، ولا يرى أحد من أسرته، وهم كذلك يعيش بينهم ويأكل من طعامهم، ويشرب من شرابهم، وهم لا يرونه، لمدة تسعة أشهر في الغالب وقد تزيد وقد تنقص.

إن مجيئه لينضم إلى الأسرة التي طال انتظارها له، لأحق بالإكرام من غيره من الضيف الزائر ين الذين قد ألفوا الحياة وألفتهم، لأنه جاء ليكثر سواد الأسرة ويكون لبنة في بنائها، يقويها ويتعاون معها على تحقيق أهدافها، التي من أهمها تكثير النسل الذي يحبه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم.

وقد حث الرسول صلى الله عليه وسلم على إكرام هذا الضيف، شكرا لله على قدومه، كما في حديث سلمان بن عامر الضبي، رضي الله عنه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (مع الغلام عقيقة، فأهريقوا عنه دماً، وأميطوا عنه الأذى" [البخاري (6/217) وأبو داود (3/261)، والترمذي (4/97ـ97)].

العقيقة:

وعن يوسف بن ماهك، أنهم دخلوا على حفصة بنت عبد الرحمن، فسألوها عن العقيقة؟ فأخبرتهم أن عائشة رضي الله عنها أخبرتها، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرهم: "عن الغلام شاتان متكافئتان وعن الجارية شاة" [الترمذي (4/96ـ97) وقال: حديث عائشة حديث حسن صحيح].

وعن أم كرز الكعبية، رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: (عن الغلام شاتان، وعن الجارية شاة) [أبو داود (3/257) والترمذي (4/98) وقال: هذا حديث حسن صحيح].

وعن سمرة، قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (الغلام مرتهن بعقيقته، يذبح عنه يوم سابعه، ويسمى، ويحلق رأسه) [الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح، وأبو داود (3/259ـ260)]. وقد استدل بهذا الحديث من يرى وجوب الذبح عن الطفل.

قال ابن القيم، رحمه الله: "فالذبح عن الولد فيه معنى القربان والشكران والفداء والصدقة وإطعام الطعام، عند حوادث السرور العظام، شكراً لله وإظهاراً لنعمته التي هي غاية المقصود من النكاح، فإذا شرع الإطعام للنكاح الذي هو وسيلة إلى حصول هذه النعمة، فلأن يشرع عند الغاية المطلوبة، أولى وأحرى، وشرع بوصف الذبح المتضمن لما ذكرناه من الحكم.

إظهار الفرح والسرور بإقامة شرائع الإسلام:

فلا أحسن ولا أحلى في القلوب من مثل هذه الشريعة في المولود، وعلى نحو هذا جرت سنة الولائم في المناكح وغيرها، فإنها إظهار للفرح والسرور، بإقامة شرائع الإسلام، وخروج نسمة مسلمة يكاثر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم الأمم يوم القيامة، تعبد الله ويراغم عدوه " [تحفة المودود في أحكام المولود ص40 وهو بيان لما ظهر له رحمه الله من حكمة الشارع في الأمر بالذبح عن الطفل].