ضرورة تحصين الأولاد من الشيطان قبل ولادتهم



إن عداوة إبليس لابن آدم ممتدة، من حين حسد أبا البشر آدم عليه السلام، وتسبب في إخراجه هو وزوجه حواء من الجنة، وهي مستمرة إلى أن تقوم الساعة، ولا يجد أي منفذ يلج منه لإغواء الإنسان إلا ولجه.

لذلك أمر الله سبحانه وتعالى الناس بالحذر منه والالتجاء إلى الله من خطراته، قال تعالى عن إصرار الشيطان على إغواء الإنسان بكل طريق: ((قال فأنظرني إلى يوم يبعثون قال إنك من المنظرين، قال فبما أغويتني لأقعدن لهم صراطك المستقيم ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ولا تجد أكثرهم شاكرين). [الأعراف:14ـ17].

وأخبر سبحانه وتعالى أن الشيطان لا سلطان له إلا على من اتبعه ولم يعتصم بالله منه، أما من اعتصم بالله منه، فإن الله يحصنه منه، قال تعالى: (فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم إنه ليس له سلطان على الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون، إنما سلطانه على الذين يتولونه والذين هم به مشركون). [النحل:98ـ100، وراجع خطر الشيطان على الإنسان ووسائل مجاهدته في كتابنا: الجهاد في سبيل الله: حقيقته وغايته (1/392ـ421)].

ومن فضل الله تعالى على المسلم أن بين له وسائل الاعتصام من الشيطان في الكتاب والسنة، في كل مجال من مجالات حياته: في مأكله ومشربه، ونومه ويقظته، ودخوله وخروجه وكل تصرفاته، وأهم وسيلة لوقاية المؤمن من الشيطان، هي ذكر الله تعالى، كما قال تعالى: (إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون) [الأعراف(201)] والمراد بالتذكر أن يذكر أن الله تعالى معه مطلع على كل ما يأتي ويذر، ويرغب في عفوه ومغفرته وهدايته وثوابه، ويرهب جبروته وقهره وعقابه...

ومن الأسباب التي يتخذها المؤمن لوقاية ذريته من الشيطان، ما أرشد الرسول صلى الله عليه وسلم إليه الرجل إذا أراد أن يجامع أهله، أن يسمي الله ويستعيذ بالله من الشيطان، ويطلب من الله أن لا يجعل له سبيلاً إلى ما يرزقه الله من ولد في ذلك الجماع، وهي عناية من الله تعالى بالإنسان قبل خلقه أرشد إليها أباه حتى يُخلَق مولوداً سوياً سليماً من آفات الجسد وآفات القلب، كما في حديث ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: (أما إن أحدكم إذا أتى أهله، وقال: بسم الله، اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا، فرزقا ولداً لم يضره الشيطان. [البخاري (4/91) ومسلم (2/1058)].

فعلى المسلم أن يبدأ في السعي في تحصين ولده من هذا الوقت المبكر، الذي لا يدري أيرزق فيه ولداً أم لا، وهو دليل على أن العناية بالولد من قبل الوالدين تسبق وجوده.