خلق الصدق والتحرز من الكذب.. الصدق من مظاهر السلوك النظيف ودليل الكمال وعنوان الرقي



خلق الصدق والتحرز من الكذب:

الصدق: صدق فلان في الحديث:أخبر بالواقع [1]
والكذب: خلاف الصدق [2]
"إن الصدق دعامة الفضائل،ومظهر من مظاهر السلوك النظيف ودليل الكمال وعنوان الرقي،بالصدق توطد الثقة بين الأفراد والجماعات،لا يستغني عنه حاكم ولا تاجر،ولا رجل ولا امرأة ولا صغير ولا كبير." [3]
قال تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ} (119) سورة التوبة.
يَا أَيُّهَا الذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ، وَرَاقِبُوهُ بِأَدَاءِ فَرَائِضِهِ وَوَاجِبَاتِهِ، وَاجْتِنَابِ نَوَاهِيهِ، وَاصْدقوا وَالزَمُوا الصِّدْقَ تَكُونُوا أَهْلَهُ، وَتَنْجُوا مِنَ المَهَالِكِ، وَيَجْعَلُ اللهُ لَكُمْ فَرَجاً مِنْ أُمُورِكِمْ وَمَخْرَجاً. [4].

منافع الصدق:

والصدق "يولِد في النفوس الطمأنينة والسكينة، بينما الكذب فإنه يورث القلق والاضطراب"[5]
والصدق يهدي إلى البِر والجنة، فعَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ (ص):عَلَيْكُمْ بِالصِّدْقِ فَإِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى الْبِرِّ، وَإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِي إِلَى الْجَنَّةِ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَصْدُقُ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللهِ صِدِّيقًا، وَإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الْفُجُورِ، وَإِنَّ الْفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارِ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَكْذِبُ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللهِ كَذَّابًا.[6]

القدوة الصالحة:

"وإذا كانت التربية الفاضلة في نظر المربين تعتمد على القدوة الصالحة، فجدير بكل مرب مسؤول ألا يكذب على أطفاله بحجة إسكاتهم من بكاء، أو ترغيبهم في أمر أو تسكيتهم من غضب، فإنهم إن فعلوا ذلك يكونون قد عودوهم عن طريق الإيحاء والمحاكاة والقدوة السيئة على أقبح العادات ،وأرذل الأخلاق ألا وهي رذيلة الكذب"[7]

الكذب الأبيض:

وعلينا أن نغرس فيهم أنه لا يوجد كذبة بيضاء وكذبة نيسان، فالكذب هو الكذب، إلاّ في ثلاثة حالات معينة قد نصّ عليها الشرع ،فعَنْ أَبِي أَيُّوبَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (ص): لا يحِلُّ الْكَذِبُ إِلا فِي ثَلاثٍ: الرَّجُلُ يكْذِبُ امْرَأَتَهُ يُرْضِيهَا بِذَلِكَ، وَقَالَ النَّبِيُّ (ص): الْحَرْبُ خُدْعَةٌ، وَالرَّجُلُ يَمْشِي بَيْنَ رَجُلَيْنِ يُصْلِحُ بَيْنَهُمَا.[8]

الكذب الجائز:

قال الشيخ: هذه أمور قد يضطر الإنسان فيها إلى زيادة القول ومجاوزة الصدق طلباً للسلامة ودفعاً للضرر عن نفسه، وقد رخص في بعض الأحوال في اليسير من الفساد لما يؤمل فيه من الصلاح.

الكذب في الإصلاح:

والكذب في الإصلاح بين اثنين هو أن ينمي من أحدهما إلى صاحبه خيراً أو يبلغه جميلاً وإن لم يكن سمعه منه ولا كان إذناً له فيه يريد بذلك الإصلاح.

الكذب في الحرب:

والكذب في الحرب هو أن يظهر من نفسه قوة ويتحدث بما يشحذ به بصيرة أصحابه ويقوي منتهم ويكيد به عدوهم في نحو ذلك من الأمور.
وقد روي عن النبي (ص) أنه قال الحرب خدعة وكان علي بن أبي طالب كرم الله وجهه كثيرا ما يقول في حروبه صدق الله ورسوله فيتوهم أصحابه أنه يحدث عن رسول الله (ص) وكان يقول إنما أنا رجل محارب.

كذب الرجل على زوجته:

فأما كذب الرجل زوجته فهو أن يعدها ويمنيها ويظهر لها من المحبة أكثر مما في نفسه يستديم بذلك محبتها ويستصلح به خلقها.[9]
وَمِنْهُ: الْكَذِبُ لِدَفْعِ ظَالِمٍ عَلَى مَالٍ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ أَوْ عِرْضٍ، وَفِي سَتْرِ مَعْصِيَةٍ مِنْهُ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ . وَقَدْ نُقِل عَنْ النَّوَوِيِّ: الظَّاهِرُ إِبَاحَةُ حَقِيقَةِ الْكَذِبِ فِي الأُْمُورِ الثَّلاَثَةِ، وَلَكِنَّ التَّعْرِيضَ أَوْلَى.[10].

لماذا يكذب الأطفال؟:

- "قد يكذب الطفل تحدّياً لوالديه اللذين يعاقبانه بشدة،فهو يكذب هرباً من العقاب.
- وقد يكذب مازحاً مع أصدقائه بُغية الفكاهة.
- وقد يكذب الطفل الذي يشعر بالنقص لكي يستدرّ عطف المحيطين به .
- وقد يدعي أنه مريض،لأنه لا يريد الذهاب إلى المدرسة." [11] وغير ذلك

كيفية تخليص الأطفال من عادات الكذب:

ولكي نُخلِّص الأبناء من عادات الكذب:
- "نحدثه عن الصدق وأهميته دون إكراه أو ضغط،نشعره بالعطف والمحبة ونشجع فيه الثقة بالنفس ونُبصّره بأهمية الأمانة والصدق فيما يقوله ويفعله ونذكر له أحاديث الرسول (ص) التي تحث على الصدق،عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَامِرٍ، أَنَّهُ قَالَ: دَعَتْنِي أُمِّي يَوْمًا وَرَسُولُ اللهِ (ص) قَاعِدٌ فِي بَيْتِنَا، فَقَالَتْ: هَا تَعَالَ أُعْطِيك، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللهِ (ص): وَمَا أَرَدْت أَنْ تُعْطِيَهُ؟ قَالَتْ: تَمْرًا، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللهِ (ص): أَمَا إنَّك لَوْ لَمْ تُعْطِهِ شَيْئًا كُتِبَتْ عَلَيْكِ كِذْبَةٌ.[12]
وعَنْ قَيْسٍ، قَالَ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ: إيَّاكُمْ وَالْكَذِبَ فَإِنَّهُ مُجَانِبُ الإِيمَانَ.[13]
ومن أخطر الأمور أن يعترف الطفل بخطئه ثم يعاقبه بعد اعترافه فكأننا نعاقبه على الصدق، وندفع الطفل دفعاً إلى الكذب "[14]

[1]- إبراهيم مصطفى وآخرون،المعجم الوسيط، ص 536
[2]- المصدر نفسه، ص 816
[3]- سهام مهدي جبار، الطفل في الشريعة الإسلامية ومنهج التربية النبوية، ص 350
[4]- أيسر التفاسير لأسعد حومد - (1 / 1355)
[5]- حلبي، عبد المجيد طعمه، التربية الإسلامية للأولاد منهجاً وهدفاً وأسلوباً،ص 130
[6]- صحيح مسلم- المكنز - (6805) وصحيح ابن حبان - (1 / 509) (274)
[7]- علوان،عبد الله ناصح، تربية الأولاد في الإسلام،جـ1/184 . وانظر إلى الخداش،جاد الله بن حسن،  المهذب المستفاد لتربية الأولاد في ضوء الكتاب والسنة، ص 76-77
[8]- مسند أبي عوانة(5257 ) صحيح
[9]- معالم السنن للخطابي 288 - (4 / 123)
[10]- الموسوعة الفقهية الكويتية - (11 / 256)
[11]- حسان شمسي باشا،كيف تربي أبناءك في هذا الزمان، ص 116-117
[12]- مصنف ابن أبي شيبة - (13 / 153) (26122) حسن
[13]- مصنف ابن أبي شيبة - (13 / 151) (26115) صحيح
[14]- المصدر نفسه، ص 117-118


ليست هناك تعليقات