نصف الإنسان يعبر عن حاله ونصفه الآخر يعبر عما كان يريد أن يكون، هذا ما قاله أسكار ويلد وإذا كان هذا صحيحاً فمنذ نعومة أظافري وأنا طفل صغير لا أعي عن أمور الحياة شيئاً كنت مهتماً بعالمي الصغير حيث لم يتسع عقلي لإدراك ما يجري حولي من الأحداث والتقلبات والسباق في معترك الحياة، منذ ذلك الحين أصبحت مولعاً بمراقبة تصرفات الناس والحدث بطبائعهم المختلفة، كنت دائماً أمعن النظر في أولئك الرجال الذين يلبسون نظارات ذهبية يسيرون نحو أعمالهم بخطوات ثابتة في سكينة ووقار ويحدث هذا المشهد أثراً بالغاً في نفسي حيث تملكني شعور غامض لا أعرف كنهه ولا أدري أسبابه غير أني أدركت أنني كنت أفتش عن شيء مبهم لم أقف على حقيقته أصبحت متحيراً من أمري وما ألم بي حتى وجدتني أفتش عن الكمال فتشته عنه في طبائع الرجال وملامح الشيوخ بحثت عنه في طيات كتب الفلاسفة والحكماء حتى في سيرة العظماء الذين تركوا بسماتهم على مسيرة التاريخ وغيروا مجرى الحياة بدءً من هذا الإلمام الذي طرأ على فجأة ونزل منزلة عظيمة في نفسي بدأت أتطلع إلى آفاق مستقبل واعد أحلم أن أكون ذو شأن عظيم، كنت أفكر في تحسين ظرفي وتهيئة نفسي لأصل إلى مبتغاي وظلت هذه الأفكار تراودني بين الحين والآخر وفي داخلي حزمة من الأسئلة النائمة تعلمت منذ ذلك الوقت كيف أعطيها الأقراص المنومة وكانت تكبر في داخلي ثورة من الشك والإيمان حول طموحي والمستقبل ولكن كنت قد تدربت على إخمادها ووضع أدوات الاستفهام أمامها اعتبر بعض الناس هذا الطموح مجرد هذيان طفولي سيختفي مع مرور الأعوام ولكن كان الأمر يختلف معي تماماً لأنني تربيت في كنف أسرة محافظة وتحتفظ تقاليدها وتعتبر التربية السليمة لأبنائها موضع فخر وعزة لها، حيث تشكل هذه القيم والمفاهيم والمحافظة على الإرث الثقافي أساس الحياة التي نعيشها في حاضرنا ومستقبلنا انطلاقا من هذا المبدأ القويم بدأت خطاي تتقدم نحو الأمام للتصلح بنواحي العلم والمعرفة والقيام بالعمل المضني لتحقيق أهدافي، لذا عقدت على نفسي أن لا أتراجع قيد أنملة مما أومن به وأواصل جهدي بعزيمة وإصرار هكذا كنت دوماً طموحاً وأن أحلم في أن أصبح يوماً عظيماً محترماً له مكانة عظيمة في المجتمع وفي قلوب الناس إلى أن فتحت عيني في عالم ملئ بالتحديات والسباق في معترك الحياة ولم أجد بداً إلا أن أزاحم وأدخل في حلبة السباق وأكسر الحواجز، وأقتلع الجذور كي لا أكون نملة تداس عليها في حلبة السباق يجب أن أتهيئ للتسابق لأننا نعيش في عصر العولمة عصر السرعة الجنونية في زمن بدلت فيه معاني الإنسانية وتغيرت فيه المفاهيم في زمن أصبحت تنطبق عليه مقولة "البقاء للأقوى بدل للأصلح".
التسميات
من الحياة