سبل تجنب الكذب .. استحضار عظمة الله، رياضة النفس وحملها على الأعمال التي يقتضيها الخلق المطلوب



سبل تجنب الكذب:

معشر الإخوة: وبعد أن عرفنا أن بعض من آثار الكذب وعقوبته، ربما قال قائل: إنني أريد أن أتوب إلى الله من الكذب، ولكن كيف أمنع نفسي من شيء اعتدت عليه؟ ولهذا وأمثاله نقول عليك بالأمور التالية:

1- استحضر عظمة الله وثق به:

فكثيرًا من الكذب سببه الخوف من أشياء وهمية يصورها الشيطان، والثقة بالله والتوكل عليه كفيلان بذهاب تلك المخاوف.

2- اليقين الجازم بأن ما كتب لك سيأتيك لا محالة:

وخاصة في أمور الدنيا التي بسبب الطمع فيها والحرص على جمعها يقدم الناس على الكذب، ولكن الإيمان والثقة الأكيدة بأن ما قدره الله لك سيأتيك، يكسب الإنسان الطمأنينة ولا يحوجه للكذب في حديثه.

3- رياضة النفس:

والمقصود هنا حمل النفس على الأعمال التي يقتضيها الخلق المطلوب، فالنفس كالطفل وإذا أطلقت لها العنان أتعبتك وترويضها يعني تصبيرها على الخلق تريده مرة إثر مرة حتى يصير ذلك الخلق طبعا لها، ولا تيأس أو تستثقل ذلك في بداية الطريق لأن الأمر يحتاج إلى صبر، وجرب ذلك مع عادة الكذب السيئة وستحس أنك بعد فترة اقتلعت عنها وأصبحت في عداد الصادقين (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا) (وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا)[الطلاق: 2].

أخي المسلم: ولتعلم أنه قد رخص لك في الكذب في أمور معينة منها في الحرب والإصلاح بين الناس وحديث الرجل وامرأته وحديث المرأة زوجها، كما جاء في الحديث الذي رواه مسلم رياض الصالحين 693.

وفي المعاريض مندوحة عن الكذب:

أخي المسلم: ولا تحقرن من الكذب شيئًا ولا تقولن هذا كذب لا يضر أحدًا، أو هذا طفل صغير وسأكذب عليه ولا عليَّ في ذلك، فقد رأى رسول الله (ص) امرأة تنادي طفلاً لها تقول تعالى: أعطك فقال لها رسول الله (ص): «وماذا ستعطيه؟» قالت: سأعطيه كذا، فقال عليه الصلاة والسلام: «أما إنك لو لم تعطه لكتبت عليك كذبة» كذلك لا تكذب ثم تقول: إنما قصدت بذلك المزاح، فالرسول r يقول: «أنا زعيم ببيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب وإن كان مازحًا» رواه البيهقي بإسناد حسن.

ولكن خير مخرج لك عن الكذب إذا اضطررت إليه المعاريض، وهي أن تتحدث بشيء يحتمل أكثر من معنى فينصرف ذهن صاحبك إلى غير ما في قلبك دون أن تكذبه في الحديث، مثال ذلك ما يروى عن النخعي أنه كان إذا طلبه من يكره الخروج إليه وهو في الدار، قال للجارية قولي له: اطلبه في المسجد ولا تقولي له ليس ههنا كي لا يكون كذبًا.
رزقنا الله وإياكم الصدق في القول والعمل، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.


ليست هناك تعليقات