شتان بين الثرى والثريا وهيهات أن يتساوى السفح مع القمة.. قصص وعبر



شتان بين الثرى والثريا:

بين الثرى والثريا بون عظيم، وفرق شاسع تتوزع فيه همم الناس واهتماماتهم.
فمنهم من همته في الثريا؛ قَصَدَ الله والدار الآخرة وجعل الدنيا معبراً وطريقاً لدار لا يفنى نعيمها.
ومنهم من التصق بالأرض وأنس إليها فتخطفته آفاتها ونسي أنه ما وجد إلا لعبادة الله تعالى.

وبين الثرى والثريا قصص وعبر:

عجوز بلغت الثمانين من عمرها في مدينة الرياض.
جلست مع النساء فوجدت أن وقتهن يضيع في المحرَّم وما لا فائدة فيه فاعتزلتهن في بيتها تذكر الله دائماً، ووضعت لها سجادة تقوم من الليل أكثره.

في ليلة قام ولدها الوحيد البار بها عندما سمع نداءها؛ يقول: ذهبت إليها، فإذا هي على هيئة السجود تقول: يا يُنيَّ، ما يتحرك فيَّ الآن سوى لساني.

قال: أذهب بك إلى المستشفى؟
قالت: لا، أقعدني هنا.
قال: والله لأذهبن بك، وكان حريصاً على برها.

تجمع الأطباء كل يدلي بدلوه ولا فعل لأحدهم مع قدر الله.
قالت لابنها: أسألك بالله إلا مارددتني إلى بيتي وإلى سجادتي.

فأخذها ووضَّأها وأعادها إلى سجادتها فأخذت تصلي.
قال: وقبل الفجر بوقت غير طويل نادتني تقول: يا بني أستودعك الله الذي لا تضيع ودائعه.. أشهد ألا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً رسول الله.. ثم لفظت أنفاسها الأخيرة.

فما كان منه إلا أن قام فغسلها وهي ساجدة، وكفنها وهي ساجدة، وحملوها إلى الصلاة ثم إلى القبر وهي ساجدة، ثم وسعوا القبر ودفنوها وهي ساجدة.


0 تعليقات:

إرسال تعليق