في الأرض القاحلة.. ربما بسنبلة واحدة لا تشقين بعدها أبدًا



حين رأت السنابل ولت هاربة، تجر قدمها وتدفع بعمر الزمن أمامها لاهية ساهية.
همها حذاء لبسته وفستان رأته.
لم تلامس الآية شغاف قلبها: }أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ{.
تجري وتلهث أصابها التعب ونالها النصب.
لم تتعثر خطواتها في دمعة ندم وهي تسمع حديث الرسول ص: «لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع خصال: عن عمره فيم أفناه؟ وعن شبابه فيم أبلاه، وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه؟ وعن علمه ماذا عمل به؟».
آثرت ابنة الإسلام الهروب والعجز والكسل والدعة.
ولو انقطع شعث نعلها لأقامت الدنيا ولم تقعدها، ولأصبحت مهمومة وأمست مغمومة تتحسر صاحبة الحذاء والكساء وهي ترى السنابل تحصد والخير يجمع.
تسرع القافلة وتسير إلى جنة عرضها السموات والأرض وهي مقيمة ما أقعدها إلا الكسل وما أخرها إلا العجز، ركبت مطية الأعذار وشربت من نهر التسويف.
يا صاحبة الأعذار من يعذرك غدًا عندما تسألين في يوم تشخص في الأبصار؟!
انظري إلى تلك الأخت في ذلك الليل الذي أرخى سدوله واشتدت ظلمته وتباعد فجره وزادت وحشته.
تنهض –حرم الله وجهها على النار- لتأخذ سنبلة وثانية وثالثة، تركض للآخرة ركضًا وتسعى لها سعيًا، ورجاء الآية ملء السمع والبصر: }وَمَنْ أَرَادَ الْآَخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا{.
دعوة لمن لم تحمل سنبلة ولم تزرع خيرًا.
ها أنت تطوين المراحل وتنتقلين في المنازل، ارجعي بسنابل من كل موطن إليك مائة وثلاث وثمانون سنبلة، تنقلي أنى شئت وأرى الله منك خيرًا، فربما بسنبلة واحدة لا تشقين بعدها أبدًا.
رزقك الله الهمة العالية والعزيمة الصادقة وجعلك تاجًا على جبين الأمة وألبسك لباس التقوى وأقر عينك برفع راية الإسلام.
عبد الملك القاسم