إنكم الثوريون الموتى أنتم، رجالاً ونساءاً ومزارعين، وباعة، وصناعاً، ومحامين، وعمال المطابع، والهجائين، والتجار، والجنود، الذين أسسوا جميعاً أمة على الشواطئ البعيدة لأمريكا، إن بينكم أولئك الخمسة والخمسون الذين اجتمعوا في الصيف الحار لعام 1787 في فيلادلفيا، لكي يكتبوا هذه الوثيقة الخارقة للعادة، التي هي دستور الولايات المتحدة. أنكم أنشأتم وابتكرتم مستقبلاً، أصبح الآن حاضرنا.
إن هذا النص، وإعلان حقوق الإنسان، الذي جاء متمماً له عام 1791 واحدة، بلا ريب، من قمم التاريخ الإنساني.
ونخلص منه إلى أنكم كنتم فيه مرغمين -بحكم خوفكم من أن تنهار حكومة أصيبت بالعجز، ومشلولة بحكم مبادئ غير متلائمة مع العصر، وببنى تجاوزها الدهر وكنتم محمولين بموجة الأحداث العميقة.
واليوم أيضاً، نجد هذه المبادئ محركة للمشاعر، كما حرّكت مشاعر الملايين من الناس، على هذه الأرض. وإنه لعسير علينا أن نقرأ بعض مقاطع من كلام جفرسون أو باين PAYNE من غير أن يمضي بنا جمالها، ومعناها العميق، إلى حافة ذرف الدموع.
إننا نريد أن نشكركم، أنتم الثوريين الموتى، لأنكم عملتم بصورة، تجعلنا، نحن، نعيش نصف قرن، باعتبارنا مواطنين أمريكيين، تحت حكم القوانين، لاتحت حكم الأشخاص، ونريد شكركم أيضاً بصورة خاصة، من أجل هذا الشيء الثمين الذي هو حقوق الإنسان، الذي جعلنا نتمكن من التفكير والتعبير عن آراء غير شعبية، ولأنكم عشتم بين حضارتين -أي في نقطة تشعب عالم زراعي قديم تهزه علائم العالم الصناعي القادم -وفهمتم معنى النقاء السياسي.
وهكذا فقد فهمتم لماذا كان ضرورياً أن يعاد النظر في الدستور الأمريكي، وأن يُغيّر - لا من أجل اقتطاعات واضحة في الموازنة الفيدرالية، أو لإبراز هذا المبدأ المحدود أو ذاك، ولكن من أجل توسعة مجال إعلان الحقوق، مع الأخذ بعين الاعتبار تهديدات كانت خارج دائرة التصور. وكانت سيئة تثقل كاهل الحرية.
ومن أجل خلق بنية جديدة لحكومة قادرة على اتخاذ قرارات ذكية وديمقراطية لا يستغنى عنها، إذا أردنا البقاء على قيد الحياة في أمريكا، أمريكا الموجة الثالثة. أمريكا القرن الواحد والعشرين.
ونحن لا نحمل معنا نموذج الدستور القادم، ونحذر من أولئك الذين يعتقدون أنهم وجدوا الجواب، على حين أننا ما نزال نحاول صياغة الأسئلة، ولكن الوقت قد حان لكي نتخيل خيارات كلّها جديدة، وأن نناقش، ونتشاور، ونتخيل من الألف إلى الياء هندسة الديمقراطية الآتية غداً.
وكل ذلك لا في جو شكس أودوغماتي، ولا في ثورة غضب، ولكن على أساس أوسع التشاور والمشاركة السلمية للجمهور -ذلك أننا بحاجة إلى أن نجتمع لكي نعيد خلق أمريكا.
وكان ينبغي أن تفهموا هذا الأمر، في أيامنا هذه. أو لم يكن رجل من زمانكم - أعني جيفرسون- يعلن بعد تفكير ناضج بأن "بعضهم ينظرون إلى الدساتير باحترام يشبه التقديس، ويعتبرونها كتابوت عهد، مفرط القداسة، بحيث لا يمكن معها مسُّه.
إنهم يعزون إلى العهد السابق حكمة أكثر من الحكمة الإنسانية. ويصرون على أن عملهم لا يمكن تصحيحه.
ونحن حقاً لسنا من أنصار من يقول بأنه يجب أن يكثر من التعديلات، من غير أن تكون قد برهنت على سلامتها.. ولكننا نعرف أيضاً أن الدساتير والقوانين ينبغي أن يسيرا متوازية واليد باليد، مع تقدم العقل الإنساني. وبمقدار ما تنشأ اكتشافات جديدة، وتظهر حقائق جديدة.
وبمقدار ما تتقلب الأفكار على حسب الظروف المتغيرة، يكون على المؤسسات أن تتقدم هي أيضاً، وأن تتزاوج مع عصرها.
ومن أجل هذه الحكمة، نشكر السيد جيفرسون الذي ساهم في خلق نظام، انتفع به الناس لمدة طويلة، إلا أن عليه الآن، بدوره، أن يموت، لكي يحل محله نظام آخر.
التسميات
موجة ثالثة