تحديد الشعر عند أفلاطون وقدماء العرب في الجاهلية.. الشعر إلهام من العالم الأعلى إلى العالم الأدنى



خلفيات تعريف الشعر:

لقد ذهب النقاد مذاهب شتى في محاولة تحديد الشعر، فانطلق بعضهم من مصدره ظناً منهم أن أصل الشيء هو الشيء ذاته، وانطلق آخرون من وظيفته وكأن أثر الشعر هو الشعر ذاته.
وهناك فريق آخر ركز على النص في بحثه عن مفهوم الشعر.
أما الانطلاق من المصدر اجتماعياً كان أم نفسياً أم من عالم أعلى في تحديد الشعر فقديم.

الشعر عند أفلاطون:

فقد ربط أفلاطون الشعر في جمهوريته بعالم الطبيعة التي هي محاكاة لعالم المثل فجعل منه محاكاة لمحاكاة.
على أنه في محاورة إيون يربط الشعر الممتاز بعالم المثل إذ جعل لكل فن شعري ربة توحيه.
فربة تلهم المديح وأخرى تلهم الملاحم وثالثة أشعار الجوقة إلى غير ذلك.
ومعنى ذلك أن الشعر إلهام من العالم الأعلى إلى العالم الأدنى.
والربات هنا هن الشاعرات حقاً أما الإنسان الشاعر فليس إلا وسيطاً يتلقى الوحي ثم يبلغه إلى الناس دون زيادة أو نقصان.

إلهام من الشياطين:

فالشاعر سلبي بالنسبة إلى أفلاطون لا يستطيع أن يبدع من تلقاء نفسه ولكن بإيعاز من الآلهة وفي لحظات فقدان الوعي والصواب. 
وإذا كان الشعر الممتاز إلهاماً من الآلهة عند أفلاطون فالشعر إلهام من الشياطين عند قدماء العرب في الجاهلية.
يقول الجاحظ: (فإنهم يزعمون أن مع كل فحل من الشعراء شيطاناً يقول ذلك الفحل على لسانه الشعر).
وقد أكد هذه المقولة بعض الشعراء مثل الأعشى الذي يقول:
حباني أخي الجني نفسي فداؤه + بأفيح جياش العشيات مرحم

عظمة الشعر:

وربط الشعر بعالم الغيب وإن كان يعكس التفسير الأسطوري لمصدر الشعر لغموض العملية الإبداعية فإنه يدل على عظمة الشعر في نفوس العرب واليونان.
فهو يأتي من أعلى ليدل على مكانته العالية ويرفع صاحبه إلى المقام الأسمى.
وهذا ما يفسر لنا احتفال القبائل العربية بميلاد الشاعر الذي تسنده قوة عليا تعجز أمامها قوة الناس العادية.


0 تعليقات:

إرسال تعليق