انتقال الإرادة الفـكرية .. كل فكر سواء كان اختياريا أو اضطراريا هو علة صدور تموجات أو اهتزازات فكرية في الفضاء



وجود الانتقال الفكري  ــ  الاهتزازات  ــ  خطر الإفراط  ــ  الاستخدام العلمي ــ  كيف تنال اعظم النتائج ــ  كيف تؤثر على مسافة بعيدة ــ  التموجات الفكرية المنتقلة ــ كيف تدرأ عنك تأثير الغير.
لسنا نحاول هنا أن نبرهن لك عن صحة انتقال وقراءة الأفكار فقد اصبح وجودها عند علماء النفس لا يحتاج إلى دليل كوجود أشعة رنتجتن  أو التلغراف بغير سلك . وفي الواقع أن الناس اعتقدوا بانتقال الأفكار بطريقة مبهمة فجاءت الاكتشافات العلمية الحديثة مثبتة لاعتقاد السواد الأعظم منهم .
ولهذا لم يكن القصد من كتابة هذا الفصل التدليل على إمكان انتقال الأفكار أو قراءتها بل الغرض أن نبين لك كيف تنتفع بها.
كل فكر سواء كان اختياريا أو اضطراريا هو علة صدور تموجات أو اهتزازات فكرية في الفضاء . ولهذه الاهتزازات تأثير على بني جنسنا يختلف مقداره بين القلة والكثرة.
وانبعاث الأفكار يتبع في سيره خطا مستقيما ويجذب إليه انتباه الموجهة نحوه . ومما يحسن ذكره أن هذه القوة لا تنال إلا بعد الدرس والتجربة السنين الطويلة والذين نالوا هذه الأمنية لم يشاءوا إفشاء سرها حرصا من الابتذال ودفعا للأضرار التي يمكن لبعض الذين لا رادع أدبيا لهم فيستخدمونها في وجه محرم.
ومع ذلك فان بعض أسرار تلك القوة ذاعت بين الملأ والذين أدركوا كنهها أمكنهم الاندهاش من نتائجها العجيبة.
وليس غرضنا من وضع هـذا الكتاب سـوى إرشاد القـراء إلى معرفة قوانين التأثير الشخصي المنحصر في كلمتي (( المغنطيسية الحيوانية )) ولذلك سنقتصر على ذكر القواعد الأساسية لتلقين الإرادة ولو كانت المسافة بين المؤثر و المتأثر مائة كيلو متر.
وليكن في علم القارئ أنه من الصعب الحصول على أرقى درجة في هذا العلم . أما معرفته الابتدائية فيسهل اكتسابها وهذه المعرفة هي التي نرغب في شرحها.
يذكر القـارئ أننا قلنا لـه أن كل فكر ينتج اهتزازات أشبه بالدوائر التي تتسع على سطح الماء الحادثة من سقوط حجر في اليم.
فهذه الأفكار ترسل تأثيراتها في جميع الجهات ولكنك إذا ألقيت الحجر بكيفية أفقية فان الدوائر تتكون وتتسع في الجهة التي يستقر فيها الحجر . كذلك الحال في اهتزازات الأفكار العادية واهتزازات الإرادة المتنقلة ولنقرب لك النظرية بالمثل الآتي : نفرض أنك أردت الاستئثار بانتباه شخص بقصد اهتمامه بك . فمن الممكن لك أن تفكر بجد في رغبته ذلك الاهتمام ويمكنك أن تتمثله بفكرك يهتم بمسألتك . فبهذا العمل ترسل إلى جميع الجهات اهتزازات قوية فكرية وبلا شك أن بعضها يصيب الشخص ويؤثر عليه بنسبة قوتك الفعالة وقوته الإيجابية.
ومن الجائز أنه لا يشعر بتأثيرك . ولكن إذا كانت آلة فكرك البرقية ترسل تموجاتها  بشدة إلىالشخص مباشرة فإنها تصيبه بوضوح أكثر وتكون صدمة الاهتزازات أقوى.
وللوصول إلى نتائج مرضية من هذا القبيل يجب عمل التمارين المذكورة في هذا الكتاب الخاصة بحصر القوة الفكرية.
ولنفترض مؤقتا أنك حاصل عليها فلننظر النتائج التي تنتج عنها.
في عزمك محادثة شخص بعد بضعة أيام بخصوص مسألة تهمك وتريد مساعدته لك فيها مع أنه لا توجد بينكما أي علاقة.
وتعلم أن في وسعك التأثير عليه بواسطة الطرق السابق ذكرها في هذا الكتاب . ولكن الذي يهمك أن تتصل به قبل التحدث معه أو بعبارة أخرى تريد تمهيد طريقك إليه والحصول على تعضيده.
ما عليك إلا أن توجد بينك وبينه علاقة فكرية بواسطة الانتقال الفكري.
وينبـغــي لــذلك أن تخــلو بنفـسك بـمـعــزل عـن الناس  ( في مخدعك مثلا ) ثم تجرد ذهنك من سائر الأفكار وتجعل جسمك في حالة ارتخاء تام كأنك أصبحت نسيجا من البخار وليس لجسمك وجود ذاتي. ثم ابعد عنك كل المخاوف . ثم فكر بهدوء وسكينة بالشخص الذي تريد التأثير عليه وان لم تكن تعرفه بالذات . تخيل له مثالا بفكرك.
واستمر على التفكير فيه بقوة بغير أن تقطب حاجبيك أو تشنج عضلاتك.
ومتى شعرت في ذاتك بأنك على اتصال معه . فكر حينئذ برغائبك وبوثوقك بالحصول عليها.
وإذا شعرت في نفسك بتأثير خارج عن إرادتك فبدده بتفكرك بشخصيتك وبالقوة النفسية التي فيك فلا تجد الاهتزازات الخارجية منفذا لذاتك ويكفي لتقويتك أن تتمثل ذاتك محاطة بشعاع فكري يطرد عنك كل تأثير خارجي ولو كان غير مقصـود بك شخصيا . ولتعلم أن أفكـار بني جنسنا ــ مهما كانت اتجاهاتها ــ تتصل دوائرها بنا وقد تطوقنا ضمنها إن لم نكن محتاطين لدرء تلك التأثيرات.
 وأقرب مثال لصحة ذلك تجده في انتقال شخص من مكان إلى مكان آخر فانه لا يلبث أن نتغير أفكاره و آراءه بأفكار الوسط الذي يعيش فيه سواء كان في الدين أو السياسة أو الأخلاق أو السلوك الخ كما رأينا أن فكرا ربما هيمن على بلد . وعقيدة تسلطت على شعب . وقد تتأصل فيه أو تتلاشى تبعا لقوة المؤثرات ولاستعداد الشعب لقبولها أو نبذها.
ولنعد الآن إلى فرضنا الأول الهجومي : فرضنا انك اتبعت الإرشادات التي ذكرناها لإيجاد علاقة أو اتصال بينك وبين الشخص الغائب عنك بواسطة الانتقال الفكري . فانك بعد هذا الاتصال تتقابل بذلك الشخص وتعرض عليه مرغوبك فتجـده يرحـب بك ويأتنس بفكـرك كأنكما متعارفان من زمن ــ ولا أقول لك أنه سيجيب سؤلك على الفور بل يتريث للأمر ويفكر فيه غير أن التأثير الذي تجابهه به يلاشى تردده ولا يلبث أن يتفق معك.
وينبغي عليك أن لا تهمل قوة عينيك عند مخاطبته ولا يغب عن فكرك التكلم بصوت مقنع ومقتنع.
ليس كل من قرا هذه الفصول يواصل إلى الدرب الذي رسمناه له . إنما ينجح ذلك الذي يقرأها بتأن وانتباه . فيدرك المعنى والمبنى.
قــد يكـون القـارئ كـالفاحـت بطــن الأرض فالـواحـد يجد فحما . والآخر يستخرج ماسا متلألئ الضياء . مع أن الفحم والماس من مادة واحدة . فاسألوا تعطوا . وفتشوا تجدوا.
ولنختم هذا الفصل بالملحوظة الآتية :
إذا كانت قوى النفس كما شرحناها في الفصول السابقة تظهر عجيبة ــ فأعجب منها القوة الفكرية الجاذبة التي سنذكرها في الفصل التالي . فمن له أذنان للسمع فليسمع.