العوامل المساعدة على الإصابة بالسرطان.. عوامل نمط المعيشة و العادات الحياتية، مثل التدخين أو التغذية غير الصحية أو العمل بصناعات تستخدم الكيماويات السامة



يُقصد بعوامل الخطورة (Risk factors) تلك العوامل التي تزيد من احتمال العُرضة لأي مرض مثل السرطان عند أي شخص، وبالنسبة لأورام الأطفال التي يظهر العديد منها في وقت مبكر جدا من حياة الطفل، ومع أن نشوء بعض هذه الأورام يُعد كنتيجة للتهيؤ والاستعداد الوراثي أو العائلي، حيث السرطان (يسرى في العائلة) حسب التعبير الشائع، (وإن كانت الإصابة ليست بالضرورة حتمية وإنما يزيد الاستعداد الوراثي من احتمال العُرضة لها).
إلا أن الأسباب وراء معظم أورام الأطفال تظل مجهولة تماما.
ورغم أن التلوث الإشعاعي والتعرض للإشعاع سواء النووي أو غيره إضافة إلى حوادث التلوث بالنفايات السامة، جميعها تساهم في زيادة احتمالات و معدلات حدوثها، إلا أنه و خلافا لأورام الكبار، لا يمكن إيجاد علاقة بينها و بين عوامل الخطورة الناجمة عن أسلوب الحياة و العادات الصحية السيئة، مثل التدخين أو تعاطي الكحوليات والمخدرات، أو التغذية غير الصحية أو الخمول و قلة النشاطات الجسدية، ناهيك عن عوامل الخطورة الناجمة عن ظروف العمل مثل التعرض المستمر للكيماويات السامة، أو العمل قرب المجالات الكهرومغناطيسية عالية التوتر أو غيرها.
و من عوامل الخطورة التي يُشار إليها عادة ضمن العوامل المساهمة في نشوء الأورام:
- عوامل نمط المعيشة و العادات الحياتية، مثل التدخين أو التغذية غير الصحية أو العمل بصناعات تستخدم الكيماويات السامة، قد تكون جميعها عوامل خطورة لأورام البالغين، ولكن لا يمكن اعتبارها كذلك وبنفس القدر بالنسبة للأطفال المرضى بالسرطان، إذ أنهم صغار جدا حتى يتعرضوا لمثل هذه العوامل لمتسع من الوقت يمكن معه أن تشكل خطراً عليهم.
- تاريخ العائلة و الوراثة وخصائص المورثات، تلعب جميعها دورا مهماً في بعض أنواع أورام الأطفال، ومن الممكن لأورام بأنماط مختلفة أن تظهر أكثر من مرة في التسلسل الهرمي لعائلة واحدة، ولكن السبب وراء إطلاق نشوئها وحدوثها عند طفل محدد من العائلة دون غيره وفي زمن ما، يظل مجهولا، سواء أكان بسبب اختلال المورثات أم التعرض لمواد كيميائية سامة أم التلوث الإشعاعي، أم تفاعلات مركبة بين كل هذه العوامل أدت إلى تفعيل النمو الورمي الشاذ.
- ثبت أن بعض العلل و الأعطاب بخصائص المورثات والتي تظهر ببعض المتلازمات و العلل الوراثية، مثل متلازمة ويسكوت الدريش (Wiskott-Aldrich syndrome) ومتلازمة بيكويث ويدمان (Beckwith-Wiedemann syndrome) ومتلازمة لي فراومـني ( Li-Fraumeni syndrome)، تُحدث تبدلات معينة بخـلايا الجهاز المنـاعي، و خصوصا خلايا المنشأ المولدة لخلايا الدم التي ينتجها النخاع العظمي، والتي يتطور بعضها بدوره وينضج ليعمل كخلايا أساسية ضمن الجهاز المناعي، وتشير الدراسات إلى أن هذه الخلايا تصبح مختلة ومعطوبة بحيث قد تنتج خلايا شاذة أي سرطانية، وترتفع نسبة الخطورة لدى الأطفال المصابين بمثل هذه المتلازمات لنشوء أنواع مختلفة من الأورام.
- تم الربط بين التعرض لتأثير بعض الفيروسات، مثل الفيروس المؤدي للإصابة بمتناذرة العوز المناعي المكتسب الإيدز المعروف بفيروس (HIV)، أو فيروس إبشتين بار (Epstein-Barr virus EBV)، والمؤدي للإصابة بداء وحيدات النوى
(mononucleosis)  و بين زيادة معدل الخطورة للإصابة ببعض أنواع أورام الطفولة، مثل أورام هودجكن والأورام الليمفاوية اللاهودجكن  خصوصا بمناطق إفريقيا المدارية)، ويحتمل أن هذه الفيروسات تُحدث تبدلات بالخلايا بطريقة ما، بحيث تنتج خلايا مختلة تتطور عقب تكاثرها و مرورها بمراحل النمو و التمايز إلى خلايا ورمية.
 - تأثيرات التعرض لبعض العوامل البيئية مثل التعرض للمبيدات الحشرية والأسمدة الكيماوية والسكن قرب خطوط الكهرباء عالية التوتر، وقد تمت دراسة هذه العوامل لتقصي علاقتها المباشرة لأورام الطفولة، حيث لوحظ تكرار ظهور حالات السرطان لدى أطفال غير أقرباء يعيشون في نفس الأحياء السكنية، غير أن النتائج لم تثبت علاقة مباشرة بين التعرض لهذه العوامل، سواء قبل الولادة أو في الطفولة المبكرة و بين نشوء السرطان و قد يكون الأمر مجرد مصادفة.
- تم الربط بين بعض أنماط معالجات أورام الأطفال، مثل الجرعات العالية من العلاج الكيماوي والعلاج الإشعاعي، وبين تطور أورام ثانوية غير الـورم الأصليالمُعالج عند بعض الحالات خلال فترات لاحقة من الحياة، فقد تسبب هذه المعـالجات والعقاقير القوية تبدلات بالخلايا أو بالجهاز المناعي، وتؤدي إلى اختلالات بالحمض النووي ونشوء التسرطن، ويكون الورم الثاني مختلفا و يُعد كنتيجة لمُعالجات الورم الأصلي.