ما هو السلوك السلبي (الامتناع)؟.. إحجام شخص عن إتيان فعل إيجابي معين كان الشارع ينتظره منه في ظروف معينة



تعريف السلوك السلبي (الامتناع):

يعرف البعض الامتناع بأنه «إحجام شخص عن إتيان فعل إيجابي معين كان الشارع ينتظره منه في ظروف معينة بشرط أن يوجد واجب قانوني يلزم بهذا الفعل وان يكون في استطاعة الممتنع عنه إرادته» ([1]).

عناصر قيام الامتناع عن فعل ايجابي:

ونستخلص من هذا التعريف قيام الامتناع على عناصر ثلاثة هي:

1- الإحجام عن فعل ايجابي معين:

الإحجام أو الامتناع ليس مجرد موقف سلبي أيا كان. وإنما هو موقف سلبي بالقياس على فعل ايجابي معين ينتظر أن يقوم به الفاعل الممتنع. وهذا الفعل يحدده القانون صراحة أو ضمنا. فإذا لم يقم الشخص بذلك الفعل الإيجابي عدّ ممتنعا وبالتالي مرتكبا لجريمة الامتناع أو الجريمة السلبية ([2]) مثال ذلك  قيادة السيارة ليلا مع إغفال إنارة مصابيحها مما يؤدي إلى حدوث الاصطدام.

2-  الواجب القانوني:

يستمد الامتناع وجوده وكيانه من الواجب الذي يفرضه القانون على شخص الممتنع، أي من السلوك الإيجابي الذي يلزم الشارع شخصا معينا بالقيام به.
فالشاهد يكلفه القانون بواجب المثول أمام المحكمة للإدلاء بشهادته، وعليه أداء هذا الواجب، وامتناعه عن أدائه موقف سلبي يعاقب عليه القانون.
والمكلف بأداء خدمة العلم، يتوجب عليه تلبية دعوة السلطة المختصة، في المكان والزمان اللذين تحددهما له، وامتناعه عن تلبية الدعوة موقف سلبي يعاقب عليه القانون([3]).

3- الصفة الإرادية للامتناع:  

أما العنصر الثالث للامتناع فهو الصفة الإرادية للامتناع. فالامتناع سلوك إرادي. أي أنه يلزم أن يكون صادرا عن إرادة. فيجب أن تكون هناك رابطة سببية بين إرادة الممتنع والسلوك السلبي أو الامتناع. أما إذا تجرد الامتناع من الصفة الإرادية لسبب ما فلا ينسب الامتناع إلى ذلك الشخص ([4]).

فإذا ما أصيب عامل الإشارات بالسكك الحديدية بإغماء في الوقت الذي كان يتعين عليه فيه إعطاء إشارة تحذير إلى قطار على وشك الدخول إلى المحطة، أو تعرض لإكراه شخص قيده بالحبال أو حبسه في حجرة خلال هذا الوقت فلم يقم بالفعل الإيجابي المفروض عليه، فلا يقال عنه أنه امتنع في لغة القانون([5]) .

إن السلوك في الجريمة المرورية لا يختلف في تركيبه القانوني عن السلوك الإجرامي لجريمة القتل والإيذاء سواء أكانت عمدية أم غير عمدية، باعتبار أن السلوك يمثل الإعتداء على حياة الإنسان أو سلامة بدنه، إلا أن ما يميزه هو الوسيلة التي يستخدمها الجاني في سلوكه حيث تعد الوسيلة عنصرا أساسيا في الجريمة المرورية وهي المركبة([6]) . 

([1]) د. محمود نجيب حسني، القسم العام، مصدر سابق، ص269.
([2])د. ماهر عبد شويش، الأحكام العامة، مصدر سابق، ص191.
([3])د. عبود السراج، قانون العقوبات، القسم العام، مطبعة دار الكتب، دمشق، 2000، ص193.
([4])د. ماهر عبد شويش، الأحكام العامة، مصدر سابق، ص191.
([5]) د. محمود نجيب حسني، القسم العام، مصدر سابق، ص272.
([6]) حاتم محمد صالح، مصدر سابق، ص35.