محددات البطل في العمل السردي.. الشخصيات الرئيسية والثانوية والعابرة



تقديم الشخصيات وتشكيل شخصية البطل لإدراك الحوافز السردية

لا يمكن إدراك الحوافز السردية إلا بوجود الشخصيات الرئيسية والثانوية والعابرة، ويعتبر تقديم الشخصيات، وهي نوع من الدعائم الحية لمختلف الحوافز، نسقا شائعا لتجميع وربط هذه الأخيرة.

إن إلصاق حافز معين بشخصية معينة يسهل عملية انتباه القارئ.
كما أن الشخصية تقوم بدور خيط مرشد، يسمح بالاسترشاد بين ركام من الحوافز، ودور وسيلة مساعدة لتصنيف وتنظيم الحوافز المختلفة.

ومن جهة أخرى، فهناك أنساق تستطيع بفضلها أن نعرف مكاننا وسط جمهرة من الشخصيات، فهناك أنساق نستطيع بفضلها أن نعرف مكاننا وسط جمهرة من الشخصيات، وعلاقاتها المعقدة.

إنه من اللازم أن نقدر على التعرف على شخصية؛ ومن جانب آخر، فإن هذه الشخصية يجب أن تعمل، بهذا القدر و ذاك، على تركيز انتباهنا.

وصف وأفعال البطل لتحديد طبيعة الشخصية ومزاجها وحالتها النفسية

هذا، ويتحدد البطل باسم العلم الذي يميزه عن باقي الشخصيات تعريفا وتحديدا وتوسيما.
كما يقوم الوصف بتشكيل شخصية البطل فيزيولوجيا ونفسيا وأخلاقيا واجتماعيا وقيميا. كما تعبر أفعال البطل عن طبيعة الشخصية ومزاجها وحالتها النفسية.

وقد يدرك وصف البطل بطريقة مباشرة أو بطريقة غير مباشرة، فوصف البطل يمكن أن يكون مباشرا، بمعنى أننا نتلقى معلومات عن طبيعته إما من الكتب، أو من الشخصيات، أو في إطار وصف- ذاتي (الاعترافات) يقوم به البطل.ونجد، في غالب الأحيان، وصفا غير مباشر: فالمزاج يتجلى من خلال الأفعال أو سلوك البطل.

وتقدم هذه الأفعال- في بعض الأحيان- في بداية الحكاية، باستقلال عن خطاطة المتن الحكائي، وذلك بهدف واحد هو وصفه. وهذا ما يفسر لماذا تعتبر هذه الأفعال الخارجية عن المتن الحكائي جزءا من العرض.

الشخصية الثابتة ووالشخصية الديناميكية المتحركة والشخصية البطلة

ويمكن التمييز بين الشخصية الثابتة التي لاتتغير والشخصية الديناميكية المتحركة، أو يمكن التمييز أيضا بين الأوصاف والخصائص الثابتة في البطل، والأوصاف المتغيرة عبر مسار الحكي.

ويمكن كذلك الحكم على الشخصية البطلة، وإدراك مواصفاتها، من خلال معجمها، وكلماتها المختلفة، وسجلاتها اللغوية، والموضوعات التي تتناولها في أثناء حديثها.

هذا، ويهتم المتلقي بالبطل من خلال قاعدة النفور والاستلطاف، وفي ضوء المعايير الأكسيولوجية والأخلاقية والقمية والإنسانية. بمعنى أن القارئ يشارك في بناء النص من خلال مناصرة البطل الذي يستلطفه ويتعاطف معه أخلاقيا وإنسانيا.

الشخصية والعلاقة الانفعالية بالبطل

ومن هنا، فالشخصية التي تتلقى الصيغة الانفعالية الأشد قوة وظهورا تسمى البطل. ويتابع البطل من طرف القارئ بأكبر قدر من الاهتمام، نظرا لأنه يثير تعاطفه أو استلطافه، أو فرحه أو حزنه.كما يترابط البطل بنظام الأفعال والحوافز في تدرجها وترابطها وإنجازها، مقارنة بباقي الشخصيات الأخرى.

ويجب ألا ننسى بأن العلاقة الانفعالية تجاه البطل تنبعث من العمل الأدبي ذاته. ولهذا، يمكن للكاتب أن يثير الاستلطاف نحو شخصية ربما يبعث مزاجها في الحياة الواقعية لدى القارئ النفور والتقزز.

فالعلاقة الانفعالية بالبطل ناتجة عن البناء الجمالي للعمل الأدبي، ولا تتطابق ضرورة والقاعدة التقليدية للأخلاق أو الحياة الاجتماعية – إلا في الأشكال البدائية.

وعليه، يقدم توماشفسكي قراءة نصية شكلانية وبنيوية وسيميائية للشخصية والبطل معا، بعد أن كانت الدراسات النقدية، في القرن التاسع عشر الميلادي، تدرس الشخصية دراسة ساذجة، في معزل عن النص الأدبي، وضمن رؤى سوسيولوجية وتاريخية و نفسية و إيديولوجية ..


0 تعليقات:

إرسال تعليق