تعريف المواربة وما لا يستحيل بالانعكاس.. كون اللفظ يقرأ طردا وعكسا ويسمى القلب. أن يجعل المتكلم كلامه ليغير معناه بتحريف أو تصحيف ليسلم من المؤاخذة



تعريف المواربة وما لا يستحيل بالانعكاس:

ما لا يستحيلُ بالانعكاسِ [1]:


- تعريفُه:

هو كون اللّفظ يُقرأُ طَرْداً وعكساً، ويسمَّى القلبَ، نحو: كنْ كما أمكنَكَ، وكقوله تعالى: {وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ} (3) سورة المدثر، وكقول الشاعر [2]:
مودَّتهُ تَدومُ لكلِّ هوْلٍ -- وهلْ كلُّ مودَّتهُ تَدومُ

المواربةُ[3]:

- تعريفُها:

هي أن يجعلَ المتكلِّمُ كلامَه بحيثُ يمكنهُ أن ْيُغيِّرَ معناهُ بتحريفٍ، أو تصحيفٍ أو غيرهِما، لِيَسْلمَ من المؤاخذةِ، كقول أبي نواس [4]:
لَقَدْ ضَاعَ شِعْرِي عَلَى بَابِكُمْ + كَمَا ضَاعَ دُرٌّ عَلَى خَالِصَهْ

 فلما أُنكرَ عليه ذلك، قال أبو نواسُ: لم أقلْ إلا:
لقد ضَاءَ شِعْري على بابكم -- كما ضاء عقدٌ على خالصَه

فأما شاهد ما وقع من المواربة بالتحريف، فقول عتبان الحروري [5]:
فإنْ يكُ منكم كان مروانُ وابنُه + وعمرو ومنكم هاشمٌ وحبيبُ
فمنا حصينٌ والبطينُ وقعنبٌ + ومنا أميرُ المؤمنين شبيبُ

فإنه لما بلغ الشِّعر هشاماً، وظفر بهِ قال له: أنتَ القائلُ:
ومنا أميرُ المؤمنينَ شبيبُ
فقال: لم أقل كذا وإنما قلتُ:
ومنا أميرَ المؤمنينَ شبيبُ
فتخلص بفتح الراء بعد ضمها، وهذا ألطف مواربة وقعت،

ودونها قول نصيب [6]:
أَهِيمُ بدَعْدٍ ما حَيِيتُ فإِنْ أَمُتْ + أُوَصِّ بدَعْدٍ مَنْ يَهيمُ بها بَعْدِي
وقيل له: اهتممتَ بمنْ يفعل بها بعدَك، فقال: لم أقل كذا، وإنما قلتُ:
فوا كمَدي ممنْ يهيمُ بها بعدي

فتخلصَ بإبدالِ كلمةٍ من كلمةٍ، فهذا وأشباهُه يحتملُ أنْ يكونَ الدخلُ وقعَ فيه للشاعر وقتَ العملِ، ويحتملُ ألا يكونَ وقعَ له، وارتجلَ التخلصَ عند سماعِه، والذي لا يحتملُ أن يكونَ فطنَ لهُ حتى قيلَ لهُ قولُ الأخطلِ [7]:
لقد أوقعَ الجحافُ بالبشرِ وقعةً + إلى الله منها المشتكَى والمعولُ
فإلاَّ تغيرْها قريشٌ بملكها + يكنْ عن قريشٍ مستمازٌ  ومزحلُ

 فقال له عبد الملك بن مروان: إلى أين يا بن اللخناء؟ فقالَ: إلى النارِ، فضحكَ منه، وسكتَ عنه، فتخلَّصَ بهذهِ النادرةِ.

[1]- جواهر البلاغة للهاشمي - (ج 1 / ص 17) وعلم البلاغة الشيرازي - (ج 1 / ص 7).
[2]- زهر الأكم في الأمثال و الحكم - (ج 1 / ص 213) وحياة الحيوان الكبرى - (ج 1 / ص 432) ونهاية الأرب في فنون الأدب - (ج 2 / ص 317) والإيضاح في علوم البلاغة - (ج 1 / ص 125) ومعاهد التنصيص على شواهد التلخيص - (ج 1 / ص 350) وجواهر البلاغة للهاشمي - (ج 1 / ص 17) وعلم البلاغة الشيرازي - (ج 1 / ص 7).

[3]- الحماسة البصرية - (ج 1 / ص 71) وتحرير التحبير في صناعة الشعر والنثر - (ج 1 / ص 43) وجواهر البلاغة للهاشمي - (ج 1 / ص 17) وعلم البلاغة الشيرازي - (ج 1 / ص 7).

[4]- مقامات بديع الزمان الهمذاني - (ج 1 / ص 37) وجواهر البلاغة للهاشمي - (ج 1 / ص 17) وعلم البلاغة الشيرازي - (ج 1 / ص 7).
[5]- غرر الخصائص الواضحة - (ج 1 / ص 60) وتحرير التحبير في صناعة الشعر والنثر - (ج 1 / ص 43).

[6]- البديع في نقد الشعر - (ج 1 / ص 40) والعمدة في محاسن الشعر وآدابه - (ج 1 / ص 151) ومحاضرات الأدباء - (ج 1 / ص 427) وتحرير التحبير في صناعة الشعر والنثر - (ج 1 / ص 43) والكشكول - (ج 1 / ص 136) والشعر والشعراء - (ج 1 / ص 61) وشرح ديوان الحماسة - (ج 1 / ص 419) والبيان والتبيين - (ج 1 / ص 316).

[7]- منتهى الطلب من أشعار العرب - (ج 1 / ص 256) وتحرير التحبير في صناعة الشعر والنثر - (ج 1 / ص 43).