تعريف وأنواع الطي والنشر في البلاغة.. النشر على ترتيب الطيِ. النشر على خلاف ترتيب الطي



تعريف الطي والنشر:

هو أنْ يذكر َمتعددٍ، ثم يذكرَ ما لكلٍّ منْ أفرادهِ شائعاً منْ غيرِ تعيينٍ، اعتماداً على تصرفِ السامعِ في تمييزِ ما لكلِّ واحدٍ منها، وردّهِ إلى ما هوَ لهُ.

أنواع الطي والنشر:

الطي والنشر نوعانِ هما:

1- إمَّا أن يكونَ النَّشرُ فيه على ترتيبِ الطيِّ:

نحو قوله تعالى: {وَمِن رَّحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} (73) سورة القصص، فقد جمعَ بين َالليل ِوالنهارِ ثمَّ ذكر َالسُّكونَ لليلِ، وابتغاءَ الرزقِ للنهارِ، على الترتيبِ.

وكقول ابن الرومي [1]:
آراؤُكمْ وَوُجوهُكمْ وَسيُوفُكمْ
في الحادِثاتِ إذَا دَجوْنَ نُجومُ
فِيها مَعالِم لِلهدَى وَمصابحٌ
تَجلو الدُّجَى والأُخْرَياتُ رجومُ
فالآراءُ معالم ُللهدى، والوجوهُ مصابحُ للدُّجى، والسيوفُ رجومُ.

وكقول الشاعر[2]:
فِعْلُ الْمُدَامِ وَلَوْنُها وَمَذَاقُها
فِي مُقْلَتَيْهِ وَوَجْنَتَيْهِ وَرِيقِهِ

2- وإمَّا أنْ يكونَ النَّشْر ُعلى خلافِ ترتيبِ الطيِّ:

نحو قوله تعالى: {وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُواْ فَضْلاً مِّن رَّبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُواْ عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلاً} (12) سورة الإسراء، ذكر ابتغاءَ الفضلِ للثاني، وعلمَ الحسابِ للأولِ، على خلافِ الترتيب.
وكقوله تعالى: {وَقَالُواْ لَن يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلاَّ مَن كَانَ هُوداً أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ} (111) سورة البقرة، فإنَّ الضميرَ في قالوا لأهلِ الكتاب ِمن اليهودِ والنصارى، والمعنَى وقالتِ اليهودُ لنْ يدخلَ الجنة إلا منْ كانَ هوداً، وقالت النصارى لنْ يدخل َالجنةَ إلا من ْكان َنصارى، فلف َّبين القولينِ ثقةً بأنَّ السامعَ يردُّ إلى كلِّ فريقٍ قولهُ، وأمناً من الإلباسِ لما عُلِم َمن ْالتعادي بين الفريقينِ وتضليلِ كلِّ واحدٍ منهما لصاحبِه.

وكقول الشاعر [3]:
ولحظهُ ومُحياهُ وقامتهُ
بدرُ الدُّجا وقضيبُ البانِ والرَّاحِ
فبدرُ الدُّجا: راجعٌ إلى المحيّا الذي هو الوجهُ، وقضيبُ البانِ راجعٌ إلى القامةِ، والراحُ راجعٌ إلى اللحظِ ويسمَّى اللفَّ والنشرَ  أيضاً.

هوامش:

[1]- تحرير التحبير في صناعة الشعر والنثر - (ج 1 / ص 28) ونهاية الأرب في فنون الأدب - (ج 1 / ص 313) والمستطرف في كل فن مستظرف - (ج 1 / ص 230) وتراجم شعراء موقع أدب - (ج 68 / ص 214)  والإيضاح في علوم البلاغة - (ج 1 / ص 114) ومعاهد التنصيص على شواهد التلخيص - (ج 1 / ص 226).

[2]- نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب - (ج 2 / ص 107) والبديع في نقد الشعر - (ج 1 / ص 15) وتحرير التحبير في صناعة الشعر والنثر - (ج 1 / ص 124) والكشكول - (ج 1 / ص 50) وتراجم شعراء موقع أدب - (ج 36 / ص 367) والإيضاح في علوم البلاغة - (ج 1 / ص 114).
[3]- جواهر البلاغة للهاشمي - (ج 1 / ص 16).


ليست هناك تعليقات