تعريف الاستتباع.. المدح على وجه يستتبع المدح بأمر آخر



الاستتباعُ [1]:

- تعريفُه:
هو الوصفُ بشيءٍ على وجهٍ يستتبعُ الوصفَ بشيءٍ آخرَ، مدحاً أو ذمًّاً.

المدح على وجه يستتبع المدح بأمر آخر:

يعني أنَّ الاستتباعَ هو المدحُ على وجهٍ يستتبعُ المدحَ بأمرٍ آخرَ، كقول المتنبي[2]:
ألا أيّها المالُ الذي قد أبادَهُ + تَعَزَّ فَهَذا فِعْلُهُ بالكَتائِبِ
لَعَلّكَ في وَقْتٍ شَغَلْتَ فُؤادَهُ + عنِ الجُودِ أوْ كَثّرْتَ جيشَ مُحارِبِ

ومن المستحسنِ فيه قولُ الخوارزمي [3]:
سَمْحُ البديهة ليس يمسك لفظهُ + فكأنما ألفاظهُ من مالهِ
وكأنما عزماتهُ وسيوفهُ + من حَدِّهنَّ خُلِقْنَ من إقباله
متبسمٌ في الخطب تحسبُ أنهُ + تحت العجاج ملثمٌ بفعاله

وكقول الشاعر[4]:
الحربُ نزهتُه والبأسُ همَّتهُ + والسيفُ عزمتهُ واللهُ ناصرهُ

الذم:

وقيلَ: إنه يكونُ أيضاً في الذمِّ، كقولِ بعضهِم في قاضٍ لم يقبلْ شهادتَه برؤيةِ هلالِ الفطر [5]ِ:
أترى القاضيَ أعمَى + أمْ تراهُ يتعامَى
سرقَ العيدَ كأنَّ الـ + عيدَ أموالُ اليتامَى
فعلَّقَ خيانةَ القاضي في أموالِ اليتامَى بما قدمَّه من خيانتهِ في أمرِ العيدِ برابطةِ التشبيهِ.

 وقيل في تعريفه: هو المدحُ بشيءٍ على وجهٍ يستتبعُ المدحَ بشيءٍ آخرَ، كقول أبي الطيب [6]:
 نَهَبَتْ من الأَعْمارِ ما لَوْ حَوَيْتَهُ -- لَهُنِّئَتِ الدُّنْيا بأَنَّكَ خَالِدُ

فإنه مدحَه ببلوغهِ النهايةَ في الشجاعةِ، إذ كثر قتلاهُ بحيثُ لو وُرِّثَ أعمارَهم لخلدَ في الدنيا على وجهٍ استتبعَ مدحَهُ بكونهِ سبباً لصلاحِ الدنيا ونظامِها حيثُ جعلَ الدنيا مهنأةً بخلودهِ، قال عليُّ بنُ عيسى الربعي: وفيه وجهانِ آخرانِ من المدحِ أحدهُما أنهُ نهبَ الأعمارَ دونَ الأموالِ، الثاني أنه لم يكنْ ظالماً في قتلِ أحدٍ منْ مقتوليهِ لأنه لم يقصدْ بذلكَ إلا صلاحَ الدنيا وأهلَها، فهمْ مسرورونَ ببقائِهِ.

[1]- الإيضاح في علوم البلاغة - (ج 1 / ص 119)  ومفتاح العلوم - (ج 1 / ص 186) ومعاهد التنصيص على شواهد التلخيص - (ج 1 / ص 293)  وجواهر البلاغة للهاشمي - (ج 1 / ص 16).
[2]- شرح ديوان المتنبي - (ج 1 / ص 168)  وتراجم شعراء موقع أدب - (ج 47 / ص 394) وجواهر البلاغة للهاشمي - (ج 1 / ص 16).
[3]- العمدة في محاسن الشعر وآدابه - (ج 1 / ص 124)  ومعاهد التنصيص على شواهد التلخيص - (ج 1 / ص 276)  وجواهر البلاغة للهاشمي - (ج 1 / ص 16).
[4]- جواهر البلاغة للهاشمي - (ج 1 / ص 16).
[5]- البديع في نقد الشعر - (ج 1 / ص 11) وتحرير التحبير في صناعة الشعر والنثر - (ج 1 / ص 93)  والإيضاح في علوم البلاغة - (ج 1 / ص 112)  وجواهر البلاغة للهاشمي - (ج 1 / ص 16).

[6]- شرح ديوان المتنبي - (ج 1 / ص 234) ولباب الآداب للثعالبي - (ج 1 / ص 60) وسر الفصاحة - (ج 1 / ص 50)  ونهاية الأرب في فنون الأدب - (ج 2 / ص 320) وتراجم شعراء موقع أدب - (ج 47 / ص 417) و الإيضاح في علوم البلاغة - (ج 1 / ص 119)  والإعجاز والإيجاز - (ج 1 / ص 36) ومعاهد التنصيص على شواهد التلخيص - (ج 1 / ص 292) وكتاب الكليات ـ لأبى البقاء الكفومى - (ج 1 / ص 146)  ولباب الآداب للثعالبي - (ج 1 / ص 60).

مدحه ببلوغ النهاية في الشجاعة إذ كثر قتلاه بحيث لو ورث أعمارهم لخلد في الدنيا على وجه يستتبع مدحه بكونه سببا لصلاح الدنيا ونظامها حيث جعل الدنيا مهنأة بخلوده.