بَطِيءٍ عَنِ الْجُلّي سَريعٍ إلى الخنا + ذَلولٍ بِأَجْمَاعِ الرّجالِ مُلَهَّدِ
- البطء: ضد العجلة، والفعل بطؤ يبطأ.
- الجلّي: الأمر العظيم.
- الخنا: الفحش. جُمع الكف، وجَمعها لغتان يقال: ضربه بجمع كفه إذا ضربه بها مجموعة، والجمع الأجماع.
- التلهيد: مبالغة اللهد وهو الدفع بجمع الكف، يقال: لهده يلهده لهدًا.
والبيت كله من صفة من ينهى ابنة أخيه أن تعدل غيره به.
يقول: ولا تجعليني كرجل يبطئ عن الأمر العظيم ويسرع إلى الفحش وكثير ما يدفعه الرجال بأجماع أكفهم فقد ذل غاية الذل.
شرح وتحليل البيت:
بَطِيءٍ عَنِ الْجُلّي:
- "بَطِيءٍ": عكس سريع، ويدل على التكاسل والتباطؤ.
- "عَنِ الْجُلّي": "الجُلّى" تعني الأمور العظيمة، الجسيمة، والمهمة التي تتطلب همة ونشاطاً.
المعنى: يصف الشاعر هذا الرجل بأنه بطيء ومتكاسل عن فعل الأمور العظيمة والمهام الجليلة التي تحتاج إلى شجاعة وإقدام أو جدية في التعامل. هو لا ينهض للمسؤوليات الكبيرة، ويتجنب المبادرة في كل ما هو شريف أو صعب.
سَريعٍ إلى الخنا:
- "سَريعٍ": يدل على الإقبال والنشاط.
- "إلى الخنا": "الخنا" تعني الفحش، السوء، الدناءة، والأمور المشينة.
المعنى: على النقيض من بطئه عن الأمور العظيمة، يصفه الشاعر بأنه سريع ومقبل على الأفعال الدنيئة والفحش وسوء الخلق. هذا يدل على انحراف في طبيعته؛ فهو لا يتحرك للخير، ولكنه يسرع إلى الشر والرذيلة دون تردد.
ذَلولٍ بِأَجْمَاعِ الرّجالِ مُلَهَّدِ:
- "ذَلولٍ": من الذل، أي شديد الذل والهوان، وسهل الانقياد.
- "بِأَجْمَاعِ الرّجالِ": "أجماع الرجال" تعني أكفهم مجموعة (قبضاتهم).
- "مُلَهَّدِ": من "اللَّهْد" وهو الدفع بالجمع (الكف المضمومة) بقوة وعنف. كأنهم يدفعونه دفعاً ويدفعونه بأيديهم.
المعنى: هذا الشق من البيت يصور مدى هوان هذا الرجل وذله. فهو ذليل لدرجة أن الرجال يدفعونه ويدفعون به بقبضات أيديهم، وهذا كناية عن شدة احتقارهم له ومهانته بينهم. لا يجد من يدافع عنه أو يحترمه، بل هو مستباح للذل والإهانة من أي رجل.
الفكرة العامة للبيت:
يُعد هذا البيت تصويراً قوياً لشخصية مرفوضة ومحتقرة في المجتمع الجاهلي، حيث يُنظر إلى البطء عن الأمور العظيمة والسعي نحو الدناءة على أنها علامات على ضعف الشخصية وانعدام المروءة. ويبلغ التحقير ذروته في تصويره ذليلاً يُدفع بأكف الرجال. هذا الوصف يأتي غالباً في سياق المفاخرة أو الدفاع عن النفس، حيث يبرز الشاعر صفات النقيض لذلك الرجل المذموم، ليُعلي من شأن نفسه.
الدلالات البلاغية:
- الطباق: بين "بطيء" و "سريع"، وبين "الجُلّى" (الأمور العظيمة) و "الخنا" (الفحش)، وهذا يوضح التناقض في سلوك الرجل الموصوف.
- الكناية: في "ذَلولٍ بِأَجْمَاعِ الرّجالِ مُلَهَّدِ" كناية عن شدة الذل والهوان والتحقير الذي يتعرض له هذا الرجل.
- الوصف السلبي: البيت بأكمله يقوم على وصف سلبي لشخصية تتصف بالجبن، والمهانة، والانحدار الأخلاقي.
التسميات
شرح معلقة طرفة بن العبد