شرح وتحليل: وَما ذَرَفَتْ عَيناكِ إلا لتَضْرِبِي + بسَهمَيك في أعشار قَلبٍ مُقَتَّلِ



وَما ذَرَفَتْ عَيناكِ إلا لتَضْرِبِي ... بسَهمَيك في أعشار قَلبٍ مُقَتَّلِ

ذرف الدمع ذريفًا وذرفانًا وتذرافًا إذا سال، ثم يقال: ذرفت [عينه]، كما يقال: دمعت عينه، وللأئمة في البيت قولان، قال الأكثرون: استعار لِلَحْظِ عينيها ودمعهما اسم السهم لتأثيرهما في القلوب وجرحهما إياها كما أن السهام تجرح الأجسام وتؤثر فيها.

والأعشار من قولهم: برمة أعشار إذا كانت قطعًا، ولا واحد لها من لفظها.
المقتّل: المذلل غاية التذليل، والقتل في الكلام التذليل، ومنه قولهم: قتلت الشراب إذا قللت غرب سورته بالمزاج.

ومنه قول الأخطل: [الطويل]:
فقلت اقتلوها عنكم بمزاجها + وحب بها مقتولة حين تقتل

وقال حسان: [الكامل]:
إن التي ناولتني فرددتها + قُتِلَتْ قُتِلْتَ فهاتها لم تقتل

ومنه: قتلت أرض جاهلها وقتل أرضًا عالمها، ومنه قوله تعالى: {وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا} [النساء: 157] عند أكثر الأئمة: أي ما ذللوا قولهم بالعلم اليقين.

وتلخيص المعنى على هذا القول: وما دمعت عيناك وما بكيت إلا لتصيدي قلبي بسهمي دمع عينيك وتجرحي قطع قلبي الذي ذللته بعشقك غاية التذليل، أي نكايتهما في قلبي نكاية السهم في المرمى.
وقال آخرون: أراد بالسهمين المعلّى والرقيب من سهام الميسر..

والجزور (ما يصلح لأن يذبح من الإبل) يقسم على عشرة أجزاء، فللمعلّى سبعة أجزاء وللرقيب ثلاثة أجزاء، فمن فاز بهذين القدحين فقد فاز بجميع الأجزاء وظفر بالجزور.

وتلخيص المعنى على هذا القول: وما بكيت إلا لتملكي قلبي كله وتفوزي بجميع أعشاره وتذهبي بكله والأعشار على هذا القول جمع عشر؛ لأن أجزاء الجزور عشرة، والله أعلم.