التعليم في الأديرة.. العصر البندكتي وانطلاق الحركة العلمية الدينية وإنقاذ تراث أوربا الفكري من الضياع



كانت المدارس التابعة للأديرة عاملاً هاما في انطلاق الحركة العلمية الدينية خصوصا بعد أن أختفت غالبية المدارس التي أنشئت في عصر الإمبراطورية الرومانية وقد قدر لأديرة أيرلندا بالذات أن ترعى بعض الدراسات الإنسانية والثقافية بل وتشع منها إلى بقية أنحاء العالم من أنحلترا ثم إلى قلب القارة الأوربية.

لقد حازت المدارس الديرية على إعجاب الناس في كل مكان.
إذ أنشأ الرهبان الأيرلنديون كثيرا من المدارس في معظم أنحاؤ العلام اللاتيني وشجعوا الدراسة فيها.

 وعلمت الأديرة على إنقاذ تراث أوربا الفكري من الضياع في وقت لم توجد قوة أخرى في الشطر الأول من العصور الوسطى، تعمل لهذه الغاية.

وساهم في ذلك الرحلات التي قام بها الرهبان الأيرلنديون وكذا جهود شارلمان فقد اهتم بالتعليم في أواخر القرن الثامن وأوائل القرن التاسع، وهذا الاهتمام هو الذي جعله يهتم بالمدارس الديرية وتدعيمها وإصلاحها وتوسيع دائرة نشاطها حتى غدت بعض هذه المدارس مثل تور وفولدا مراكزا للنشاط الفكري وقد قدر لكثير من هذه المدارس الاستمرار عقب سقوط الإمبراطورية الكارولنجية مثل مدارس ريمس وليون وفريير وكورفي وفولدا وبافيا وغيرها.

وما بين سنتي 800-1100م عرفت هذه الفترة بالعصر البندكتي لأن رهبان القديس بندكت أظهروا حماسة بالغة في القيام بواجبهم في تعليم الأشخاص خاصة الصغار منهم.

إلا أنهم قاموا بهذه المهمة على هامس المهمة الأصلية المتمثلة في مهام الدير وهي الانقطاع للعبادة وخدمة الدين. فقد خصص الرهبان ما يقارب أربع ساعات ونصف من حياة الراهب اليومية للعبادة والصلوات الجماعية، وقد غلب الطابع الديني على التعليم في الأديرة، ولكن كانت في كل دير مكتبة كبيرة مليئة بالكتب النادرة والمخطوطات إلى جانب تفرغ بعض الرهبان لعملية نسخ هذه الكتب.