المؤسسات الصحية في مملكة الحجاز.. مستشفى مكة الوطني والمستشفى العربي ومستشفيات للأمراض السارية والعادية والمحاجر الصحية



وجهت الحكومة شيئا من اهتمامها الى شؤون الصحة العامة، خصوصا وان الحجاز كان معرضا للاصابات المنوعة خلال موسم الحج، حيث يستقبل اجناسا من مختلف الاقطار الاسلامية.

ولأجل أن يكون هناك جهاز صحي قائم بذاته يتولى المهام الصحية، عمدت الحكومة الى تأسيس دائرة مركزية للصحة (دائرة الصحة العمومية) ترأسها الدكتور محمد سليم رئيس عموم الاطباء في المملكة، يعينه عدد من الاطباء والصيادلة والممرضين، اضافة الى الموظفين الاداريين.
كما زودت هذه الدائرة باللوازم الضرورية من أدوية وأثاث.

أخذت العناية الصحية بالتحسن ـ رغم بساطتها ـ عما كانت عليه سابقا، وأصاب الشوارع والمحلات شيء من الاهتمام بالنظافة.
بما كان يرافق ذلك من الارشادات والتوجيهات الصحية التي تتولاها دائرة الصحة، وبالتعاون مع دوائر بلديات المدن.

وسيرا مع هذه المساعي، عمدت الحكومة الى شراء الادوية والعقاقير الطبية ومصول التلقيح وما يتعلق منها ـ بالذات ـ بالامراض السارية كالجدري والطاعون وغيرها والتي كانت تنتشر اثناء مواسم الحج. وكثيرا ما كانت الجهات الصحية تهيب بالأهالي للتلقيح او المعالجة ضد هذا المرض او ذاك ولا سيما الاطفال منهم سواء من كان منهم في المدينة او الريف، عن طريق الاعلان الرسمي في الجريدة الرسمية.

ومع ذلك فإن الجهود الاستثنائية انما كانت تبذل عند انتشار واحد من الامراض السارية والمتمثلة بالدرجة الرئيسية في الجدري والطاعون، حيث تعمد الجهات الصحية بحصر الاصابة عند وقوعها، بحجز الوافدين الى الحجاز في محاجر صحية انشأت لهذا الغرض في الجزر القريبة من السواحل الحجازية، كجزيرة سعد، وجزيرة الواسط.
وكانت مدة الحجز خمسة ايام للمشكوك في اصابتهم، وضعفها للمصابين.

وبالاضافة الى هذه المهمات كان على اجهزة الصحة توجيه اهتمام اضافي للعناية بصحة الحجاج خلال موسم الحج، ولذلك عمدت الحكومة الى اقامة هيئة او مجلس اطلق عليه (مجلس مراقبة امور الحجاج) للنظر في شؤون الحجاج بما في ذلك اوضاعهم الصحية، في الوقت الذي اقامت فيه مستشفى ميدانيا في منطقة (بحرة) بين جدة ومكة لمعالجة الحجاج قبل نزولهم مكة، فضلا عن توجيهاتها بشأن سكن الحجاج وشروطه الصحية.

كانت السلطات الصحية في جدة بالذات، وضمن اجراءاتها التي تظهر بوضوح في موسم الحج، تعقد عدة جلسات صحية ـ تشترك فيها الهيئات العليا، وهيئة المجلس البلدي، ورجال الصحة، وكل من مدير الصحة العام ومدير جدة، ومفتش المحجر الصحي ـ لاتخاذ القرارات المتعلقة بحفظ الصحة في المدينة.

وما عدا هذه المهمات كانت الجهات الصحية تمارس اعمالها الاعتيادية في معالجة المرضى ومداواتهم، الذين يتراوح عدد المراجعين منهم لدائرة صحة مكة مثلا بين (3000 ـ 5000) مراجع في الشهر ويحال من يقتضي بقاؤه في المستشفى الى غرف الراقدين لمعالجته.

كان في مكة مستشفيات هما ادارة الصحة التي تشرف على مجمل الشؤون الصحية للبلاد، ثم مستشفى مكة الوطني، ومستشفى آخر في جدة باسم المستشفى العربي يضاف إليه أربع مستشفيات في نفس المدينة اثنان للامراض العادية وآخران للامراض السارية، كما انشئ في المدينة المنورة بعد فتحها في سنة 1918 مستشفى باسم مستشفى الغرباء هذا فضلا عن المحاجر الصحية سالفة الذكر.